الاثنين، 30 أغسطس 2010

صدور الترجمة العربية من "ترجمان الأوجاع"

الخميس، 26 أغسطس 2010 - 11:12
كتبت هدى زكريا
Bookmark and Share Add to Google
صدر حديثا عن مشروع كلمة للترجمة التابع لهيئة أبو ظبى للثقافة والتراث الترجمة العربية للمجموعة القصصية " ترجمان الأوجاع " للمترجمة مروة هاشم والتى أصدرت نسختها باللغة الإنجليزية الكاتبة جومبا لاهيرى عام 1999، ونالت عنها العديد من الجوائز؛ أهمها جائزة "بوليتزر" للأدب فى العام 2000.
"جومبا لاهيرى" كاتبة أمريكية هندية الأصل، وُلدت فى لندن فى الحادى عشر من شهر يوليو فيا لعام 1967، ونشأت فى ولاية "رود آيلند" الأمريكية، حيث انتقلت عائلتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية عندما كانت فى الثالثة من عمرها. وقد حصلت "جومبا" على عدد من درجات الماجستير فى جامعة "بوسطن": ماجستير فى اللغة الإنجليزية، وماجستير فى الكتابة الإبداعية، وماجستير فى الأدب المقارن، ثم حصلت على درجة الدكتوراه فى دراسات عصر النهضة الأوربية، وحالياً تعيش "جومبا" فى "نيويورك" مع زوجها وطفليها.

وقالت مروة هاشم إن هذه المجموعة القصصية تتألف من تسع قصص قصيرة، كتبتها المؤلفة أثناء دراستها فى جامعة "بوسطن"، لتصف تفاصيل حياة مجموعة من الهنود المغتربين فى الولايات المتحدة الأمريكية وبعضًا من ملامح الحياة فى الهند، وتتجاوز كلماتها حدود الروايات المقروءة؛ لتصبح مشاهد مرئية تصف أدق التفاصيل بعبارات هادئة ومتناغمة تفوح منها رائحة التوابل الهندية الحارة، تستخدمها المؤلفة ببراعة لتناول قضايا شديدة الخصوصية فى حياة مجموعة من الهنود المغتربين فى الولايات المتحدة الأمريكية؛ أشياء تبدو عادية وبسيطة، يستحضرها الأبطال فى مزج رائع بين الماضى والحاضر، فى الوقت الذى تعكس فيه تلك الأشياء عمق اختلافات الثقافات ومفاهيم الاغتراب والبحث عن الهوية.

وأضافت: يتميز أسلوب "لاهيرى" يتميز فى بالصدق والوضوح والكتابة، ويُبحر أبطالها ـ الذين ينتمون عادة إلى فئة البنغاليين المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية ـ فى صراع بين القيم الثقافية لموطنهم الأصلى، وما يجب أن يتكيفوا معه فى وطنهم الجديد. ولكونها ولدت فى لندن، ونشأت فى الولايات المتحدة الأمريكية؛ سمحت لها تجربتها الشخصية بالنظر إلى الهند والهنود بصورة مختلفة تمامًا عن الاتجاهات الحالية فى كتابات الجنوب آسيويين؛ فى هذه المجموعة القصصية تكتب "لاهيرى" بطريقة مختلفة عما كتبه أى أحد آخر من قبل.

فالقصص لا تتضمن العناصر المعتادة التى تعمد إلى الإبهار والمبالغة واللجوء إلى التشبيهات الغريبة التى تبدو دخيلة على النص، ولا التعمق فى وصف النساء ذوات البشرة السمراء والعيون السوداء وشعورهن الحريرية الطويلة، وما يرتدين من أزياء متعددة الألوان مصنوعة من أقمشة الشيفون والأورجانزا. وبدلاً من التورط فى عناصر الانفعال والمأساة والعواطف الجياشة التى تنخرط فى الكثير من كتابات الجنوب آسيويين، قدمت لنا "لاهيرى" صورة لتفاصيل الحياة اليومية الواقعية التى يمر بها أى مغترب عن وطنه، وكتبت قصصها كأنها شخص خارجى يلاحظ الأشياء ولا يشترك فيها، شخص موضوعى هادئ ينقل ما يراه فى عبارات ناقدة وساخرة أحيانًا.

وتابعت: أما شخصيات المجموعة القصصية؛ فهى هادئة، وتتحكم فى ردود أفعالها ومشاعرها بدرجة كبيرة حتى فى أقصى حالات غضبها، ولن يجد القارئ فى تصرفاتها مفاجآت ولا أحداثاً صاخبة فى القصص ذاتها، إنها أشبه بالتأملات لما يدور فى داخل تلك الشخصيات، والواقع من حولها بما يحتويه من ضغوط. إن كل شخصية فى المجموعة فى صراع لأن هناك أشياء تجذبها فى عدة اتجاهات فى الوقت نفسه؛ الآباء يجذبون الشخصيات إلى الماضي، وأبناؤهم يجذبونهم إلى المستقبل، ويجذبهم عالم أمريكا إلى الغرب، ويجذبهم عالم الهند إلى الشرق. وقد أشارت "لاهيرى" فى إحدى مقابلاتها الصحافية إلى ذلك الصراع والاختلاف بين هذين العالمين: "عندما بدأت الكتابة، لم أدرك أن قضيتى الرئيسة ستكون خبرات الأمريكيين ذوى الأصول الهندية. فما شجّعنى على الاشتغال بالكتابة هو رغبتى فى اقتحام العالمين اللذين عشتهما، فأمزج فوق الأوراق ما لم أتحلَّ بما يلزم من شجاعة أو نضج كى أسمح به فى الحياة الواقعية".

وتحدثت عن مكانة لاهيرى قائلة: احتلت "لاهيرى" مكانة متميزة بين الأدباء الأمريكيين بهذه المجموعة القصصية؛ التى تعد أول إصدارتها الأدبية، وعلى الرغم من ذلك حققت نسبة مبيعات هائلة تجاوزت ستمائة ألف نسخة، وكانت أفضل أول عمل أدبى للعام لمجلة "نيويوركر" الأمريكية فى العام 2000، وحصلت على جائزة "بن/هيمنجوى" فى العام 1999، كما تم إدراج اسم "لاهيرى" ضمن قائمة مجلة "نيويوركر" لأفضل عشرين مؤلف خلال القرن الحادى والعشرين. ونالت هذه المجموعة القصصية جائزة "بوليتزر" فى الأدب فى العام 2000، وتعد هذه الجائزة الرفيعة واحدة من مجموعة الجوائز والمنح التى تقدمها سنوياً جامعة "كولومبيا" فى الولايات المتحدة الأمريكية فى مجالات الخدمة العامة والصحافة والآداب والموسيقى، وهناك الكثيرون ممن حصلوا على جائزة "بوليتزر" نالوا جائزة "نوبل" ومنهم: "إرنست هيمنجواى" و"تونى موريسون" و"سنكلير لويس" و"ويليام فوكنر"، ومن المسرحيين "بوليتزر" و"أوجين أونيل" و"آرثر ميلر" و"إدوارد آلبى" و"نيل سايمون".

والجدير بالذكر أن المترجمة مروة هاشم التى قامت بنقل هذه المجموعة القصصية إلى العربية، قد صدر لها من قبل عدة كتب منها: كتاب عبودية الكراكيب وكتاب فن الحياة وكتاب تقنيات الأداء المسرحى، وكتاب كيف تصبح ممثلا موهوبا، إضافة إلى العديد من المقالات والحوارات الصحفية فى الصحف والمجلات العربية. 

الجمعة، 27 أغسطس 2010

الروابط والضوابط والتحريف في الترجمة العربية المعاصرة

علي درويش

يُحكى أن عمالقة اللغة العربية في القرن المنصرم اجتمعوا في مجمعٍ للغة العربية وراحوا يناقشون ويبحثون ويجادلون جلسات طوالاًُ في معنى كلمة (classic) ويحاولون وضع مقابل عربي لها. وفي سعيهم الدؤوب والحثيث للوصول إلى مصطلح دقيق يستوفي المعنى الأصلي حرصوا، كما ينبغي وتقتضي الأمانة العلمية في الترجمة، وكما فعل أسلافهم في الزمان الغابر أمثال أبي الترجمة العربية الأول اسحق بن حنين وحنين بن اسحق وقسطا بن لوقا البعلبكي وثابت بن قرة الحراني، على فهم معنى ذلك المصطلح الجديد عليهم. فحاورا وداروا فلم يجدوا في حصيلتهم اللغوية الأجنبية، وكان معظمهم قد تتلمذ على أيدي معلمين من إرساليات فرنسية وبريطانية ودرسوا الآداب العالمية وكانوا على قدْر من المكنة والاطلاع، ولكن لم تكن عندهم لا شبكة انترنت ولا فضائيات عربية، فاتصلوا بمراكز لغوية وثقافية في فرنسا يستفسرون عن معنى كلمة (classic). وبعد أن تثبتوا من معناها، راحوا يتخبطون ويتباحثون فيما بينهم ويعتصرون أدمغتهم اللامعة بحثًا عن مقابل عربي لها فلم يجدوا ضالتهم فرسوا على تعريب المصطلح بـ (كلاسيكي) في بادئ الأمر. فمهدوا الطريق ورصفوا الأرصفة لديناميكي وتكتيكي وكيكي كيكي وغيرها من مهازل وسفسفات. ولمن يرد التعمق هنا، فإن أصـل (tactic) الذي ترده المعاجم الأجنبية إلى اليونانية القديمة (taktikós) بمعنى الترتيب هو في الأصل مأخوذ عن اللفظ العربي (تخت) من (التخت الموسيقي) و(العرش) و(السرير) و(الوعاء)، المعرب بدوره من اللفظ الفارسي (تخته) بمعنى (خشب).

ولا بد من الوقوف إجلالاً لهم على جهدهم وسعيهم للتثبت والتأكد من معنى مصطلح واحد ووضع مقابل عربي له. ولكن هذه الرواية تظهر أمرًا مخيفًا جدًا هو أن معظم أولئك المدعين آنذاك لم يكونوا سوى أقزام معرفتهم بلغتهم ضحلة وعلمهم بتراثهم أشد محلا. ولكنهم كانوا كإخوانهم اليوم في مجالات شتى أعضاء أندية مغلقة ونواد خاصة توافرت لهم واتفرت سبل الوصول إلى تلك المراكز والمناصب فعاثوا فيها خرابًا وفسادًا، كما تفعل النخب المستنخبة اليوم في الإعلام والصحافة والسياسة الأدب وغيرها من المجالات والمناشط بسبب الجهل والأمية في المقام الأول في مؤسسات ومنظمات وجمعيات تشدد على المهارات والكفاءات والمواهب، فلا تجد فيها إلا مواهب الجهل والأمية ومهازل يكتب المرء فيها موسوعات ومجلدات لا تنتهي. قالت له الغادة الحسناء في نهاية المقابلة: السؤال الأخير لك. ولم يكن يطرح عليها الأسئلة ولم يكن معهما أحد، بل كانت هي التي تحاوره وتسأله، فكيف يكون السؤال الأخير له؟ وقال آخر: "بهذا أعزاءنا المشاهدين نصل إلى نهاية نشرة الأخبار قدمناها لكم من قناة..."، فقدم لنا هذا الأحمق نهاية النشرة أما النشرة فما زلنا بانتظار نهايتها. ولكنه في تقليد القرود أسقط اسم الموصول (التي)، كما يُسقط معظمهم ميم (مِن المدغمة) من (مما)، كالخراف والنعاج. (ماءءء أدى ... ماءءءء أسفر... ماءءء أوقع...).

مهازل وحماقات كثيرة منها الحديث اليوم في الإعلام العربي وغيره من المجالات التي تعتمد اللغة العربية وسيلة للتواصل عن "فرنسيين من أصول مغاربية" و"إرهابيين من أصول عربية" و"معتقلين من أصول مصرية"، وغير ذلك من تركيبات وتوليفات. والأصل في اللغة هو أسفل كل شيء وأسه وأساسه وأرومته. فكيف يكون للناس أكثر من أصل واحد؟ أوليس النسل كالشجرة ذات أصل وفروع؟ أصلها ثابت وفرعها في السماء؟ وهل رأيت شجرة ذات أصول متعددة؟ لا شك أن للترجمة الحرفية أثرها في الخيارات اللغوية عند المعاصرين العرب الذين يتتبعون الكلام الأصلي كلمة وحرفًا ونقطة. فلا يستطيعون القول بكل بساطة (فرنسيون من أصل مغاربي) مثلاً. ولكنهم يحرصون على موافقة العدد معدوده، فكل واحد له أصل فهي إذًا أصول، كما يزعمون، إلا في كثير من لغطهم ولغوهم فتسمعهم يقولون (عدد من دبابات الاحتلال توغلت في قطاع غزة) و(عُثرت على كميات كبيرة من الأسلحة) وغير ذلك مما لا يوافق العدد معدوده، عند هؤلاء العباقرة الذين يقلدون اللغات الأجنبية ويطبقون قواعدها على اللغة العربية كالقرود والمهابيل.

من أهم الأمور التي تغيب عن بال معظم الباحثين والمتخصصين والبشر عامة أن بإمكان الناس التحدث بلغتهم ولكن قلة قليلة منهم في أي جيل تستطيع الكتابة بها. هذه المقولة المقتبسة من حديث للشاعر الناقد الأميركي تي إس إليوت خص به اللغة الإنجليزية في معرض انتقاده للشاعر الإنجليزي الشهير لورد بايرون، لا تسري على جميع اللغات قاطبة فحسب، بل تنطبق بشكل خاص على اللغة العربية في عصر الإعلام الهزيل والفضائيات المستلبة والصحافة المعلبة. فلو نظرنا إلى ظاهرة الأدب العربي المعاصر، كما يحلو الحديث عن الظواهر عندهم هذه الأيام، لوجدنا أن معظم الذين يدّعون في الأدب والإنشاء مكانة لا يعدو كونهم صعاليك صغاراً في عالم الإنشاء واللغة — أساليبهم مقتبسة وعباراتهم منحولة ومصطلحاتهم منقولة. إن كتبوا كانت جملهم مهزوزة ومنطقهم ضعيفاً لا حبكة فيه ولا ترابط ولا تماسك. اختفت الراوبط والضوابط، وصار الأديب والصحافي والشاعر والسياسي يتفوه بكلام مضعضع البنيان ومجاز مقترض من لغات أخرى. فحق عليهم قول فيلسوف الشعراء:

بني الآداب غرتكم قديمًا زخارف مثل زمزمة الذبابِ
وما شعراؤكم إلا ذئاب تلصص في المدائح والسباب

فأساسيات اللغة و"أصولها"http://www.atida.org/makal.php?id=133 مفقودة عندهم وجل ما يكتبون مترجم مباشرة أو ممضوغ ومجتر! ثم تقوم لجان الأدب والشعر والإبداع بخلع الألقاب والجوائز والهدايا عليهم. فهاكم أديبة مكرمة تقول لنا عن نجيب محفوظ: طوى رأسه ومات. ولم تسأل تلك اللجان الحمقاء كيف يطوى المرء رأسه، كأنه ورقة ملفوف؟

الاثنين، 16 أغسطس 2010

مشاكل ترجمة القصيدة الشعرية


روبرت فيليب - ترجمة- مرتضى صلاح
ينبغي لترجمة الشعر أن تكون أساس ترجمة لفظية للقصيدة الغنية بالقيم الجمالية والتعبيرية. فقد يواجه المترجم المشاكل اللغوية والأدبية الجمالية والاجتماعية والثقافية في ترجمته. وتشمل المشاكل اللغوية ترتيب وحجب البنية النحوية لبعض العبارات. وتتعلق المشاكل الجمالية والأدبية بالبنية الشعرية وأشكال التعبير المجازي، والأصوات.
في حين أن المشاكل الاجتماعية والثقافية تنشأ عندما ينقل المترجم التعبيرات الحاوية على أربع فئات ثقافية رئيسية، وهي: الأفكار، والبيئة، والسلوك، والمنتجات. وهذه محاولة لعرض الاعتبارات الأساسية وكيفية حلها. عادة ما تكون ترجمة الأعمال الأدبية أكثر صعوبة من ترجمة أنواع أخرى من النصوص لأن المصنفات الأدبية تحمل قيما معينة تسمى القيم الجمالية والتعبيرية. وتؤكد الوظيفة الجمالية للعمل على جمال الكلمات (الأسلوب)، واللغة التصويرية، والاستعارات؛ وما إلى ذلك، بينما توجه الوظائف التعبيرية تركيزها على فكر الكاتب (أو عملية التفكير)، والعاطفة، وغيرها. وينبغي للمترجم أن يحاول، في أحسن الأحوال، نقل هذه القيم المحددة إلى اللغة الهدف. وباعتباره أحد أنواع الأدب، فإن الشعر فيه ميزة خاصة بالمقارنة مع أنواع أدبية أخرى.
ففي القصيدة، لا يتحقق التعبير عن الجمال باختيار كلمات ولغة تصويرية؛ كما في الروايات والقصص القصيرة، بل إنه يتطلب إنشاء إيقاع، وقافية، ووزن، وتعبيرات وتراكيب محددة قد لا تتفق مع المتداول في اللغة اليومية. وباختصار، فإن ترجمة الشعر لشيء تحتاج الى شيء آخر أكثر مما تحتاجه ترجمة الأنواع الأخرى من الأدب. وهذه بعض المشاكل المحتملة في ترجمة القصيدة:
1.
مشاكل لغوية ففيما يتعلق بالعوامل اللغوية، هناك نقطتان جديرتان بالنظر، وهما: التجميع والحجب (غير القياسي) للتراكيب اللغوية. ويقصد بالتجميع إعادة ربط عبارة أو كلمة مع مجموعة كلمات مع بعضها لتشكيل جملة مفيدة. ويتم الجمع أما بطريقة بناء تركيب نحوي جديد أو ترتيب أفقي للجملة، فعلى سبيل المثال هناك فرق بين العبارتين الإنكليزيتين (make a speech) و(say a speech) فالأولى تعني: وجه خطابا أو أدلى بحديث، في حين أن الأخرى تعني: قال كلاما، وما إلى ذلك. وهناك صفة أخرى تعرف بالتجميع العملي أو العمودي. وتكون فيه الكلمات منتمية إلى الحقل الدلالي نفسه أو الدلالة المقابلة. وتختلف هذه الصفة عن الأولى أن الرديف في هذه الفئة قد يكون موجودا في لغات اخرى.
وأيا كان السبب في ذلك، فهناك قبول بفكرة التجميع في رصف العبارات، وعلى المترجم العثور على المعنى الأصلي واستخدام ما يعادله في اللغة إذا كان موجودا.
ولكن ينبغي أيضا المزيد من الاهتمام لتجميع المعنى في العبارة، ولننظر الى هذا البيت، على سبيل المثال: I find you in every woods and gardens (أجدك في كل الغابات والحدائق) فكلمتا (woods) و(gardens) رديفتان لبعضهما، فالأولى تعني غابة، والأخرى تعني حديقة. ويجب على المترجم أولا دراسة المعنى نفسه. فكلمة الغابة في الولايات المتحدة ليست بالضبط نفسها في البلاد العربية من ناحية الخصائص، والمنطقة، والمكان، وغيرها.
وكذلك الأمر ينطبق على الحديقة. فالفحص الدقيق يتطلب فهم المترجم للمعنى السياقي للعبارة.
أما النقطة الثانية التي ينبغي النظر فيهافي المسائل اللغوية فهي الحجب (غير القياسي) للتراكيب النحوية.
وقد يكون هذا النوع من التراكيب مكتوب بشكل مقصود في قصيدة بوصفه جزءا من وظيفة تعبيرية للنص. ومن هنا، ينبغي نقل وترجمة مثل هذه التراكيب إلى أقصى حد ممكن من الوصول الى غاية الشاعر. فالخطوة الأولى للتعامل مع هذه المشكلة هي ايجاد التركيب الكامن في النص. والإجراء المفيد هو العثور على الموضوع المنطقي في المقام الأول، ومن ثم البحث عن الفعل المحدد المقصود في الجملة.
فإذا ما تم اكتشاف العنصرين المهمين، فإن بقية الجملة ستأتي في مكانها الصحيح. وبعد ذلك يمكن للمترجم إعادة بناء تركيب العبارة وبأقرب مدى ممكن من التركيب الأصلي. فضلا عن أهمية النظر في تركيب كل عبارة أو جملة بشكل واضح.
2.
المشاكل الأدبية أو الجمالية يتم ايصال القيم الجمالية أو الحقيقة الشعرية في القصيدة من خلال الكلمات والأصوات، وكذلك في المعنى المعرفي (المنطق). وهذه القيم الجمالية ليس لها معنى مستقل، ولكنها متلازمة مع أنواع مختلفة من المعنى في النص.
وبالتالي، فإذا أخطأ المترجم اختيار الكلمة، وترتيب الكلمات، والأصوات، فإنه سيضعف ويشوه جمال القصيدة الأصلية. كما ستفقد القصيدة الرقة واللين إذا ما نقل مترجم جناسا خشنا بدلا من الجناس الأصلي المنتقى بعناية. ولذلك، فإن المشاكل في ترجمة قصيدة هو كيفية الحفاظ على القيم الجمالية في النص الأدبي. فالقيم الجمالية، وفقا للباحث الشعري نيومارك، تعتمد على التركيب (أو التركيب الشعري)، والإستعارة، والصوت. ويتضمن التركيب الشعري خطة للقصيدة الأصلية بشكل عام، وشكل وتوازن الجمل الفردية في كل بيت شعري. وترتبط الإستعارة بالصور المرئية المستوحاة عبر مزيج من الكلمات، والتي قد تثير أيضا حواس السمع، واللمس، والشم، والذوق. في حين أن الصوت شيء متصل بالقافية، والإيقاع، والسجع، والمحاكاة الصوتية، وغيرها.
فلا يمكن للمترجم تجاهل أي منها على الرغم من إنه قام بترتيبها تبعا لطبيعة القصيدة المترجمة.
2.
البناء والتركيب الشعري فالعامل الأول هو التركيب. ومن المهم أن نلاحظ أن التركيب المقصود هنا هو خطة القصيدة ككل، وشكل وتوازن الجملة الواحدة أو كل بيت شعري. فليس من الضروري أن يتصل مباشرة بتراكيب الجمل أو التركيب النحوي للغة، رغم أنه متأثر كثيرا بتراكيب الجمل. ولهذا، فإن الحفاظ على التركيب الأصلي للقصيدة قد يعني الحفاظ على التركيب الأصلي لكل جملة. ويوصي الباحثون في الترجمة الشعرية بتكرار قراءة النص المطلوب ترجمته قبل الشروع بالعمل، لأن في ذلك فائدة كبيرة في تفكيك ايقاعات النص من خلال تكرار القوافي والعبارات بما يؤثر في استيعاب أكثر للمعنى الذي يذهب إليه الشاعر.
التعبير المجازي
التعبير مجازي، كعامل ثان، يعني أن إثارة الصور البصرية، والأصوات، واللمس، والذوق، والاستعارات التقليدية، توجه المقارنات بدون حاجة الى كلمات من نوع «مثل» أو «كما لو كان»، وكافة التعابير التصويرية.
فالكاتب لا يستخدم الإستعارة في العنوان الفرعي لأنه له معنى مختلف بالنسبة لبعض الناس. وما هو معروف عموما بإسم الإستعارة التقليدية، على سبيل المثال، ليست هي نفسها الإستعارة المقصودة لدى ناقدي الشعر. ويدور مصطلح الإستعارة المجازية حول معاني الوجوه، والصورة، والمعنى، الإستعارة، أما الأشياء فهي التي يتم وصفها مجازا. ففي تعبير «اجتثاث الاخطاء»، على سبيل المثال، فالشيء هنا هو «الأخطاء»، أما الصورة فهي «اقتلاع» الأعشاب، وبهذا يكون المعنى (عزل الأخطاء) بجهود جبارة، والمجاز هو إستئصال الخطأ الى الخارج.
وكذلك عبارة «البحار السبعة»، فهي اشارة الى كل العالم، فهي ليست مجازا. فهي عبارة تصويرية. ويقترح نيومارك سبعة إجراءات لترجمة الاستعارات بصفة عامة. الإجراء الأول هو إعادة إنتاج نفس الصورة في القصيدة إذا كانت الصورة متكررة للمقارنة. وعادة ما يستخدم هذا الإجراء لاستعارة كلمة واحدة، على سبيل المثال كلمة «بصيص أمل». ويمكن لكلمة بصيص أن تبتعد عن الأمل في ترجمتها البسيطة. أما الإجراء الثاني فهو استبدال الصور في النص الأصلي بصورة أخرى في حدود نفس الثقافة للقصيدة الأصلية. فعبارة «حياتي معلقة على حبل» المترجمة حرفيا عن نص انكليزي، يمكن الإستعاضة عنها بعبارة «حياتي معلقة على شعرة»، لتطبيق اجراء الإستبدال في الصورة. والسؤال هو إلى أي مدى يمكن تعديل العبارات المترجمة الحاوية على البلاغة المجازية، بحيث لا يبتعد فيه المترجم عن التعبير المجازي، وهو يعتمد على أهمية القدرة على التعبير.الصوت أما آخر العوامل الأدبية أو الجمالية فهو الصوت. فهو شيء مرتبط بالقافية، والإيقاع، والسجع، والمحاكاة الصوتية، وغيرها. وإذا واجهت المترجم ظروف ينبغي فيها التضحية بواحد من العوامل الثلاثة، التركيب، أو الاستعارة، أو الصوت، فإنه ينبغي عليه التضحية بالصوت. ومن ناحية أخرى، ينبغي للمترجم الموازنة مع جمال القصيدة. فإذا كان الجمال يكمن في مزيد من الأصوات بدلا من التركيز على المعنى (الدلالي)، فلا يمكن للمترجم أن يتجاهل عامل الصوت. ويقصد بالصوت هنا استخدام القوافي والإيقاعات الوزنية عبر تكرار الكلمات والعبارات. 3. المشاكل الاجتماعية والثقافية إن الكلمات والعبارات التي تحتوي على كلمة محددة ثقافيا تخلق بعض المشاكل. فالمشاكل الاجتماعية والثقافية موجودة في العبارات، أو الجمل، أو الجمل المحتوية على كلمات تتعلق أربع فئات ثقافية رئيسة، وهي: الأفكار، والسلوك، والمنتج، والبيئة. فالأفكار تتضمن المعتقد والقيم والمؤسسات. أما السلوك فيشمل التقاليد أو العادات. في حين أن المنتجات تشمل الفن، والموسيقى، والفنون، بينما تشمل البيئة النباتات، والحيوانات، والسهول، والرياح والطقس. وقد يطبق المترجم بعض الإجراءات: كالترجمة الحرفية، أو النقل، أو الأقلمة، والمعادلة الثقافية، والمعادلة الوظيفية، والمعادلة الوصفية، والحذف، والتقطيع الشعري، والملاحظات الإضافية، والتقليل، والترادف. وفي الترجمة الحرفية؛ يقوم المترجم بالنقل الحرفي؛ جملة فأخرى. وتكون النتيجة كلمات دخيلة، ويحتاج المترجم إلى أن يضبط لفظ الكلمات المتشابهة التي قد تختلف عن بعضها، ليس في الحروف، وإنما في اللفظ الصوتي.
إن ترجمة تعبير يتضمن كلمات مثل الصيف وشهر مايس والنسيم والحب والحبيبة والربيع، وهي كلمات متجانسة مع بيئة مريحة للنفس، ينبغي للمترجم فيها النظر في كل تعبير بعناية لأهمية القدرة على التعبير. فمن المهم جدا النظر الى المعنى الكامل للقصيدة لكي تتضح أصالة التعبير عندما تنقل إلى القصيدة الى لغة أخرى. وينبغي للمترجم ملاحظة بيئة الشاعر في الحالة أعلاه وفهم حقيقة الكلمة الموجهة سواء إلى قريته أو الطبيعة بشكل عام، فالصيف يعني للجزء الآخر من الكرة الأرضية شيئا مختلفا عنه في الشرق.
فعندما تشرق الشمس الزاهية والزهور، وخاصة الورود الجميلة برائحتها الزكية، في غرب أوروبا تعني ازدهارا واضحا فيها. وفي الوقت نفسه، يعني الصيف عذاب الحياة في الشرق، حيث قنوات الري الجافة، وحقول الارز الجرداء لإنتهاء موسم حصاد الحبوب، والغبار الذي يغطي كل مكان

الخميس، 5 أغسطس 2010

أهمية الترجمة في اللحاق بالتقدم العلمي


الدكتور/ سعد بن هادي القحطاني
لا أحد ينكر ما للترجمة من أهمية قصوى في نقل التراث الفكري بين الامم، ومالها من اثر في نمو المعرفة الانسانية عبر التاريخ. والترجمة عملية ذهنية وفكرية ولغوية معقدة تتطلب ابداعا مضاعفا ممن يقوم بها. فالمترجم لابد اولا ان يستوعب النص الذي كتب بلغة اخرى استيعابا يتعدى الشكل والاسلوب الى المضامين والافكار، وهذا امر يتطلب مهارة لغوية وفكرية نافذة، وبالتالي فانه بلا شك ينطوي على ابداع. والمترجم ثانيا لابد ان ينقل النص الى لغة اخرى تختلف في التركيب النحوي، ومجال الدلالات والمعاني، نقلا يضمن فهم النص بكل دلالاته ومعانيه، ويشمل كذلك اطاره الثقافي والتاريخي، وهذا عمل ينطوي على ابداع ايضا. ولذلك لا غرو ان نجد ان المشتغلين بالترجمة المبرزين فيها قلة من المختصين. ولاشك ان الترجمة في العصور الحاضرة مع ازدياد وتيرة التقدم العلمي، وتسارع الاكتشافات والاختراعات اصبحت ضرورة ملحة تحشد الدول النامية من اجلها كل الطاقات، وتوظف في سبيلها كل الامكانات وذلك بهدف اللحاق بالركب العلمي مع الحفاظ على الهوية اللغوية والثقافية، فالترجمة تكفل نقل العلوم والاستفادة منها مع المحافظة على اللغة القومية وتنميتها وعدم استبدالها بلغة وافدة تقضي على الهوية، وتمكن الثقافة الوافدة من اضعاف مضامين الوحدة السياسية.
وادراكا لهذا الدور الرئيس للترجمة فان اليابان تقوم بترجمة مئات الكتب يوميا من اللغات الاخرى الى اللغة اليابانية مما ساهم في ازدهار الصناعة مع الحفاظ على اللغة اليابانية والهوية اليابانية في وقت واحد. واذا كانت اليابان وهي دولة واحدة تؤمن بالترجمة كخيار استراتيجي للمحافظة على وحدة تراثها اللغوي في المقام الاول ان تولى الترجمة أضعاف اضعاف ما توليها اليابان، اي انه من المفترض ان تترجم آلاف الكتب الى العربية يوميا في كل الاقطار العربية.
ان اهمية اللغة العربية للعرب والمسلمين لا يمكن مقارنتها باي لغة اخرى اذ انها الى جانب كونها اهم مقومات الوحدة العربية، فهي ايضا وعاء الدين الاسلامي، بل ومكمن الاعجاز فيه، وبعد هذا يتساءل المرء ماهي الاستراتيجية التي تتبعها الدول العربية في مجال الترجمة؟ هل يوجد استراتيجية عربية موحدة في هذا الشأن؟ وهل يوجد استراتيجية للترجمة على مستوى كل قطر عربي؟
ان المتتبع لحركة الترجمة في البلاد العربية يلحظ مع الاسف انها «اي الترجمة» لم تحظ بالاهتمام الذي تستحقه، بل ويلحظ كذلك التراجع الكبير في مستوى الاعمال المترجمة في الوطن العربي، علما ان الترجمة كانت من اهم الأسس التي قامت عليها الحضارة الاسلامية. فعندما قامت الحضارة الاسلامية ترجم العرب عن اللغات اليونانية، والسريانية، والهندية، والفارسية في مجالات متنوعة وخصوصا العملية، وهو بلا شك ما ساهم في قيام نهضة عملية واسعة نتج عنها العديد من الاختراعات والاكتشافات التي لازالت تدرس حتى يومنا هذا. اذا كنا ندرك ان اعداد الكتب التي تؤلف في المجالات العملية في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال لا يتجاوز 10% من النتاج الفكري في المملكة حيث تحظى المجالات الانسانية بنسبة 90%، وماذاك ومن وجهة نظري الا لقلة المادة المترجمة من تلك العلوم، اذ كيف تنشأ قاعدة تأليف واسعة على ادبيات مكتوبة بلغة اخرى. وما يتم نشره من ابحاث للكتاب السعوديين في المجال العلمي يكون غالبا باللغة الانجليزية وفي دوريات اجنبية مما يحد من الاستفادة من هذه الابحاث لعامة الناس في المملكة حيث لا يستطيع الافادة منها الا اولئك الذين يجيدون اللغة الانجليزية. وللاسف لم تتجاوز نسبة الاعمال المترجمة في المملكة العربية السعودية خلال خمسين عاماً 93.8% اي ما مجموعه 502 كتابا، وذلك في دراسة ببلومترية للباحثة/ نورة الناصر 1998م.وما لم تنشأ حركة ترجمة واسعة في المملكة وفي العالم العربي بشكل عام، فان اللحاق بالركب العلمي العالمي سيبقى محصورا في نطاق التلقي فقط، ولن يكون هناك بيئة محلية مناسبة للتقدم العلمي المبني على الابداع والاختراع بالتلقي فقط.

المصدر
* معهد الادارة العامة الرياض

الثلاثاء، 3 أغسطس 2010

كيف تصبح مترجماً ناجحاً ؟

هل تستهويك الترجمة؟
كتبت (سفيرة الإسلام) موضوعا بعنوان ((كيف تصبح مترجماً ناجحاً؟ هل تستهويك الترجمة؟)) ونشرها موقع (www.imanway.com) وأنقله لكم هنا أيها القراء لأنه مفيد للغاية، ولاسيما لمن يريد أن يصبح مترجما ناجحا يحظى بكل ما يريده في المستقبل، وبتصرف لاسيما في ناحية إملائية، فبدأت الكاتبة بقولها:
"إذا كانت الترجمة تستهويك..فربما تستفيد من هذه الخطوط العريضة..وهي موجهة بالأساس للترجمة ما بين العربية والإنجليزية..وقد لا تكون يسيرة..ولكن يجب توفر جزء منها على الأقل في المترجم المتمكن.
• على المترجم أن يتقن اللغتين..بما معناه أن يمتلك مفاتيح اللغة المترجم منها والمترجم اليها.. ولا يعني الإتقان هنا أن تكون بالضرورة لغته الأم أو أن يتحدثها باستمرار في معاملاته في حياته في بلد اجنبي..وإنما أن يتقن مفاتيحها بالأساليب والتراكيب الخاصة بها..وقد يتأتى ذلك من خلال الدراسة أو القراءة المكثفة أو غيرها من أساليب التواصل.
• كل لغة لها قالبها، وما يوافق اللغة الواحدة قد لا يوافق اللغة الثانية.. فلا نترجم التركيب أو الأسلوب وإنما نترجم الفكرة المستنبطة بمضمونها وليس بالشكل.
• اقرأ النص أو المقال أو الكتاب قبل أن تترجم الجمل الواحدة تلو الأخرى..فمعاني بعض الكلمات تفهم من النص بالإجمال..أو تكتسب معاني أخرى غير المألوفة بوجودها في نص معين.
• لا تجوز الترجمة الحرفية مطلقاً.
• لا يجوز تلخيص الكلام, فالمترجم الجيد هو الذي ينقل الفكرة وينقل معها أسلوبها اللغوي الخاص (أي اسلوب اللغة المترجم إليها).
• الحفاظ على الأمانة في الترجمة حتى ولو كان ذلك شتيمة أو فكرة تنافي معتقدات المترجم أو ما يؤمن به.
• لا تجوز الإضافة...لا يجوز التأليف...لا يجوز الاختصار أو التحريف.
• لا يجوز الجمع إذا كان الإسم مفرداً إلا في الحالات النادرة.
• يجب أن لا تُشتم اللغة الأولى في الثانية (أي أن لا نحس بروح اللغة الأولى في النص المترجم.
• لا تستخدم the مثل "ال" التعريف بالعربية.
• الحفاظ على زمن الفعل في اللغة الأولى وفي الثانية.
• يجوز تناوب الفعل الحاضر والماضي المكان في اللغة العربية..فقد نستخدم فعلاً ماضياً لنعني به أمراً في الحاضر.
• معظم الكلام في الإنكليزية مبني للمجهول وفي العربية العكس صحيح..فيفضل الابتعاد عن صيغة المبني للمجهول حيث انها غير مستحبة كثيراً.
• في حال شعور المترجم أن ما ترجمه غير منطقي فعليه أن يعي أنه أخطأ..لأن الكلام في أي لغة لا بد أن يكون منطقياً.
• يجب قراءة النص المترجم في النهاية مستقلاً عن النص الأصلي.. ويجب أن يشعر القارئ بروح اللغة فيه كنص مكتوب باللغة نفسها (أي اللغة المترجم إليها) لا أن يشعر بأن هذا النص مكتوب بقلم آخر غير قلم المُترجم ومن ثم منقول إلى لغة أخرى..فيجب ان تشعر بأن النص المترجم شبيه تماماً بأي نص مكتوب بشكل عادي (كمقال في مجلة مثلاً).
ثم نبهت الكاتبة إلى نقطة هامة هي: أنه يجب على المهتم بالعمل الدعوي امتلاك حصيلة من المفرادت اللغوية المتخصصة في مجال الدين، فلكل لغة عدة اقسام من المفردات..فهناك لغة اقتصادية ولغة سياسية وأخرى دينية أو علمية أو تاريخية..وهلم جرا..وهي ما تسمى بالإنجليزية (Jargon). وفي هذا الصدد ألفت النظر إلى نقطتين هامتين..وهما:
• يجب أن يقتني المترجم قاموساً متخصصاً في المجال الذي يترجم فيه..فالقواميس أنواع شتى..لو حاولت ذكرها سأحتاج لصفحات وصفحات لا تنتهي.. فلدينا مثلاً قواميس فقهية تعرف المصطلحات الدينية ومنها مثلاً "معجم الفقهاء"..أو قواميس للتعابير الإصطلاحية والأمثال..وغيرها الكثير..
• قد يضطر المترجم..سيما ذلك المتخصص في الدعوة..إلى الترجمة الصوتية أو النقلية بالحرف.. وتسمى (transliteration) بالإنجليزية، ومثال عليها..بعض الكلمات الدينية ككلمة "القرآن" مثلاً تترجم كما هي صوتياً..فتكون Koran..أو كلمة مثل "جهاد" Jihad أو "انتفاضة" Intifada..و أحيانا كلمات مثل "صلاة" Salat و"زكاة" Zakat.. ويكون ذلك غالباً لأن الكلمة لا مرادف لها في اللغة الثانية أو لأن المرادف لا يعطي المعنى الحضاري أو الديني المراد لها..ويحتاج المترجم أحيانا إلى إلحاقها بتعريف بسيط لها باللغة الثانية طبعاً.

عبد الرحيم عبد المعطي

الأحد، 1 أغسطس 2010

تعريف الترجمة


 الترجمة ما هي؟
ما هي الترجمة؟ وكيف تتم؟ وأي شيء يجب على المترجم التركيز عليه حينما يشرع في مهمته؟ هل يجب التركيز على أسلوب صياغة النص؛ أم على معناه؟
لكي نستطيع الإجابة على هذه الأسئلة، نحاول أن نتتبع الآن التعريفات المختلفة التي وضعها علماء اللغة والترجمة في هذا الصدد:
فيجادل Newmark بأن " الترجمة هي مهارة تتمثل في محاولة إحلال رسالة و/أو بيان مكتوب بإحدى اللغات برسالة و/أو بيان مكتوب بلغة أخرى ".
ويقول Catford إن الترجمة هي " عملية إحلال النص المكتوب بإحدى اللغات ( ويسميها اللغة المصدر source language "SL" ) إلى نص يعادله مكتوب بلغة أخرى ( ويسميها اللغة المستهدف النقل إليها – أو باختصار اللغة المنقول إليها – target language "TL" ) ". وبذلك التعريف فهو يركز على نقل الأثر الذي ينتج عن النص المكتوب، وليس مجرد نقل المكونات اللغوية على مستوى المفردات أو القواعد.
أما Halliday فيعتقد أن " المعادل النصي فيما بين نصي اللغة المصدر SL واللغة المنقول إليها TL لا يتطلب بالضرورة إيجاد المقابل الشكلي بين هذين النصين على مستوى المفردات أو القواعد، ولكن إيجاد معادل على مستوى النص بأكمله ".
ويقول Pinchuch إنه " إذا كانت الترجمة تتمثل في عملية إحلال الكلمات وحدها، فقد يكون الإجراء الملائم هو الرجوع لقاموس ثنائي اللغة ". على أن الترجمة، كما ينظر إليها Kelly، هي " تطبيق للغويات من منظور افتراض توافر السعي لإخراج نص يحمل المعنى المعادل للنص الأصلي ".
ويتم التركيز على معنى مصطلح " نص " text فيما يتعلق بالترجمة. ذلك أن " نص " يعني أي شيء تتم ترجمته سواء تمت الترجمة كتابة أو شفاهة. ويمكن أن يكون ذلك الشيء مجرد عبارة أو جملة أو فقرة أو فصل من كتاب، بل وحتى كتاب بأكمله.
وهكذا نجد أن الاهتمام ينصب في الترجمة تماما على بحث العلاقة بين اللغة والترجمة. ويكون الهدف الرئيسي وراء ذلك هو إعطاء الترجمة شكلا ثابتا يمكن إتباعه في الحالات المختلفة للترجمة، ومحاولة صياغة قواعد تحكمها من أجل منع أو تجنب الوقوع في الأخطاء عند القيام بعملية الترجمة.
مما سبق نستطيع استخلاص تعريف للترجمة على أنها ببساطة هي محاولة نقل رسالة في اللغة المصدر SL إلى رسالة معادلة لها في اللغة المنقول إليها TL.

Translation is simply the attempt to replace a textual material in the Source Language (SL) by an equivalent textual material in the Target Language (TL).

وبحيث يكون التركيز هنا على نقل جوهر أو معنى الرسالة وليس نصها. وفي ذلك يقول Widdowson إنه حينما " نكون بصدد لغة ما، فإننا لا نتعلم كيفية صياغة أو فهم بعض الجمل الصحيحة في هذه اللغة كوحدات لغوية منعزلة ذات تكرار عشوائي وحسب، بل نتعلم أيضا كيفية استخدام هذه الجمل استخداما ملائما لتحقيق الغرض من توصيل الرسالة ". وهكذا نجد أن الترجمة هي محاولة إيجاد العلاقة بين نصين أو مجموعة من النصوص تلعب دورا متماثلا في حالات متماثلة.
من التعريفات السابقة نجد أننا من الآن فصاعدا سنكون بصدد لغتين:
اللغة الأولى: وهي التي ستتم الترجمة منها – أو اللغة المصدر SL.
اللغة الثانية: وهي اللغة التي ستتم الترجمة إليها – أو اللغة المنقول إليها TL.
ولكي تتم الترجمة بطريقة سلسة ووفق منهج صحيح، لابد من وجود قاعدة معينة نتبعها أثناء الترجمة. وتتمثل هذه القاعدة فيما يُعرف بـ " استراتيجية النقل " Transfer Strategy والتي تتمثل في:
SL Þ SL Þ Rethink Þ TL
ومعنى ذلك أنه قبل أن نشرع في عملية الترجمة، فلابد لنا من فهم نص الرسالة المكتوبة باللغة المصدر من منظور أو على أساس القواعد الحاكمة لهذه اللغة نفسها. وتنطلق هذه القاعدة من بديهية مؤداها أن المترجم لا يستطيع ترجمة شيء لا يفهمه، أو أنه سيقوم بالترجمة بطريقة خاطئة إذا لم يحاول فهم نص الرسالة التي يقوم بترجمتها. فإذا ما انتهى المترجم من فهم نص الرسالة المكتوبة هكذا، كان له الحق في أن يشرع في عملية " إعادة التفكير "، وهذا ما يعني المقابلة بين القواعد الحاكمة للغة المصدر SL والقواعد الحاكمة للغة التي سيتم النقل إليها TL، وإيجاد الصورة الملائمة الموجودة في اللغة التي سيتم النقل إليها، والتي تكاد تكون معادلة تماما للصورة التي كُتبت بها الرسالة في اللغة المصدر. وحينئذ يقوم بالترجمة التي ستكون أقرب صورة لنص الرسالة المكتوبة باللغة الأصلية. أي أنه يجب على أي مترجم أن يفهم أولا الرسالة التي سينقلها على أساس قواعد اللغة المكتوب بها هذه الرسالة نفسها، ثم بعد ذلك يعيد نقل الفكرة إلى اللغة المنقول إليها.
وهكذا فلابد للمترجم من السير وفق هذه الاستراتيجية لكي يتجنب الوقوع في الأخطاء، ولكي تكون ترجمته أقرب شيء إلى الصواب.

ولنحاول الآن فهم كيفية تطبيق هذه الاستراتيجية، وليكن ذلك أولا على مستوى المفردات ( لتوضيح الفكرة فقط ):
فمثلا كلمة رياضة قد تكون رياضة بدنية أو رياضة روحية أو رياضة بمعنى ترويض أو رياضة بمعنى مادة الرياضيات. فإذا ما حصرنا معناها في أنها رياضة بدنية، وبدأنا في عملية تحليل معنى هذا المصطلح ومحاولة إيجاد ما يعادله في اللغة الإنجليزية، نجد أن المقابل هو Sport.

ويمكن تمثيل ذلك كما يلي:
رياضة Þ بدنية Þ Rethink Þ Sport
وبنفس الطريقة، فإن كاتب قد تكون مفكر أو نسّاخ أو موظف في مكتب ... الخ. فإذا ما حصرنا المعنى في مفكر، يكون المقابل هو Writer:
كاتب Þ مفكر Þ Rethink Þ Writer
وبالطريقة العكسية، فإن كلمة Bank قد تكون ركام أو منحدر أو شاطئ أو صف أو مصرف. فإذا ما حصرنا معناها في أنها جزء من الأرض بامتداد جانب النهر، يكون المقابل باللغة العربية هو: شاطئ.

ويمكن تمثيل ذلك كما يلي:
Bank Þ Land along the side of a river Þ Rethink Þ شاطئ
وبنفس الطريقة، فإن Book قد تكون كتاب أو دفتر تجاري أو الكتاب المقدس أو القيام بعملية التسجيل أو بعملية الحجز مقدما. فإذا ما حصرنا المعنى في عملية الحجز مقدما، يكون المقابل هو:
Book Þ To Reserve Þ Rethink Þ يحجز
وعلى مستوى العبارة، يمكن لنا إجراء نفس هذه النوعية من التحليل على النحو التالي: فعبارة مثل:
قامت اللجنة المكونة من سبع دول بمناقشة مشروع القرار
نجد أن عبارة " اللجنة الحكومية المكونة من سبع دول " معناها هو اللجنة الحكومية التي تخص الدول السبع كلها، بمعنى عدم اقتصارها على حكومة دولة واحدة. ولذلك فإن أقرب مرادف لهذا المعنى هو inter-governmental committee. أما كلمة " مشروع القرار " هنا فتعني مسودته، أي draft. وبذلك تكون ترجمة الجملة السابقة هي:
The seven-state inter-governmental committee has discussed the draft resolution.
وبالطريقة العكسية، ففي عبارة مثل:
I move the adoption of the following resolution.
نجد أن move هنا تعني عملية الاقتراح أو التزكية، بينما تكون كلمة adoption على معنيين: الأول هو عملية الإقرار أو الاعتماد ( لقرار ما )، والثاني هو عملية التبني ( لطفل ). ونستبعد المعنى الثاني بالطبع، ولذلك يكون معنى الجملة:
اقترح اعتماد القرار التالي

ولنتابع التحليل على مستوى فقرة بأكملها، حيث نحاول ترجمة الفقرة التالية كما يلي:
ويتأكد ذلك على وجه الخصوص بالنسبة للعنصر البشري، الذي يعتبر سلوكه وشعوره بالانتماء – ومن ثم اتفاق صالحه الفردي مع الصالح الجماعي – محددا رئيسيا لفروق الإنتاجية بين المجتمعات المختلفة.
هنا يجب أولا أن نقوم بتحليل كل كلمة لتحديد المقصود منها بالضبط كما يلي: يتأكد: يثبت / يصح – على وجه الخصوص: خصوصا – بالنسبة لـ: فيما يتعلق بـ / بشأن العنصر البشري: العامل الإنساني – يُعتبر: يُنظر إليه – سلوكه: تصرفه – شعوره: إحساسه – الانتماء: العضوية / الانتساب – من ثم: هكذا / بالتالي – اتفاق: انسجام / تناسق – صالحه: مصلحته – الفردي: الشخصي – الجماعي: المجتمع العام / المجموعة – محددا: معيارا / مقياسا – رئيسيا: أساسيا – فروق: اختلافاتالإنتاجية: القدرة على الإنتاج الوفير – بين: فيما بين – المجتمعات: المجموعات المختلفة: العديدة / على تنوعها.

وبذلك يمكننا ترجمة النص السابق على النحو التالي:
This is particularly true for the human element. Behavior and awareness of affiliation – thus his individual interest is suited with the common interest – are considered main determinate of productivity differentials between various communities.
 
مما سبق نجد أن عملية الترجمة تنقسم إلى مرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى: وتهتم بتحليل analysis نص الرسالة المكتوبة باللغة المصدر SL، من أجل التوصل للمعنى الحقيقي الذي يتضمنه هذا النص. ثم نبدأ في عملية إعادة التفكير، لندخل إلى:
المرحلة الثانية: وتهتم بصياغة synthesis معنى النص المترجم باللغة المنقول إليها TL، من أجل التوصل إلى أسلوب صحيح تماما يماثل الأساليب التي تتم الكتابة بها عادة في هذه اللغة.
على أن نأخذ في الاعتبار دائما أن عدم فطنة القارئ إلى أن ما يقرأه مُترجم من لغة أخرى يعتبر في حد ذاته أكبر دليل على نجاح المترجم في مهمته، بمعنى أن القارئ لو شك ولو للحظة واحدة أن ما يقرأه قد يكون منقولا من لغة أخرى بسبب وجود ضعف أو ركاكة في الأسلوب، يكون المترجم قد فشل في مهمته. فالمترجم الناجح هو الذي يستطيع صياغة الرسالة في اللغة المنقول إليها بأسلوب يجعل من يقرأ هذه الرسالة يشعر وكأنها لم تكتب إلا بهذه اللغة – أي وكأنها " طبيعية ".
محمد حسن يوسف
المصدر:

ما هو تعريف الترجمة ؟ - تمت الإجابة عنه - Google إجابات

تعريف الترجمة وأنواعها - منتديات عتيدة