الاثنين، 25 نوفمبر 2013

معجم الفردوس وعظمة اللغة العربية

نبيل الحيدرى


معجم الفردوس فى ألف وستمائة صفحة كبيرة فى جزئين ضخمين هو مرجع فريد فى عظمة اللغة العربية وآفاقها حيث يرجع كثير من الكلمات الإنكليزية إلى أصول عربية. لقد قام د. مهند الفلوجى مؤلف هذا المعجم الكبير بمجموعة محاضرات عامة فى العاصمة البريطانية لندن حول كتابه (معجم الفردوس) وفى نوادى عربية مختلفة
فكرة الكتاب نشأت عند المؤلف قبل 24 عاماً حينما وقع فى يده عن طريق الصدفة  كُتيب صغير مؤلفه مصري يبحث في تاريخ الطب والجراحة حيث يكتشف أنَّ القِرَدة كانت تُشرَّح على ضفاف نهر دجلة ببغداد فى العراق. ومن هنا بدأ اهتمام الفلوجي باستخراج وجمع المصطلحات الطبية ذات الأصل العربي. 
يتعجب الفلوجى من عدم ذكر معاجم اللغات الاوربية للكلمات من اصل عربي الا بعدد محدود جداً لايكاد يتجاوز مئات معدودة وهو 333 كلمة فقط. وهو امر عجيب فى رأيه لايتناسب مع ضخامة الاسهام العربي خصوصا في زمن الدول الاسلامية بمراكزها المتعددة بالعلوم والاداب وما تركته من كتب وتصنيفات في مجالات التفكير الانساني ، كما لايتناسب مع الاتصالات الكثيرة والكبيرة ومواقع التاثير خلال العصور  حتى رأينا الحروف العربية في اقصى الصين شرقا مرورا بجزر الملايو وحتى السويد شمالا. لقد تباينت لغات البشر بانتشارهم في اصقاع الارض ولكن ذلك لم يمنع من بقائهم مشتركين في الفاظ كثيرة تثير الدهشة لانطباق اصواتها ومعانيها وسياق استعمالاتها وان عانت بعضها من تحريف  للشكل الخارجي حتى صعب التعرف على اصولها وان كانوا مختصين بها، ولعل ابناء اللسان الاصلي للغة الام احرى بالقيام بمهمة التحري واستنباط الاصول المتشابهة الجذور حتى وان تشابكت مع فروع غريبة ودخيلة
ذكر المؤلف أن أول معجم عالمى هو  الألواح الطينية السومرية، المكتوبة باللغتين السومرية والأكدية تعود إلى 2300 سنة ق. م. أما المعجم الثاني فهو "أورو هوبللو" الذي يعود إلى بداية الألفية الثانية ق. م ويضم "24" لوحاً طينياً. وحاول تحليلها وإرجاعها إلى أصولها. وأما المعاجم العربية فهى مثل "كتاب العين" للفراهيدي في القرن الثامن الميلادي، ولسان العرب لابن منظور في القرن الثالث عشر الميلادي، ثم قاموس المحيط للفيروزآبادي في القرن الرابع عشر الميلادي وهو مهم جدا. ثم ذكر المعاجم الإنكليزية حيث أول معجم إنكليزي قد أُلِّف من قبل روبرت كودري عام 1604، ثم بعده قيام صموئيل جونسون بتأليف معجم اللغة الإنكليزية عام 1755م، وأصبح بدايةً لمعجم أكسفورد المعروف والمطبوع عام 1884 فهى متأخرة زمانا عن معاجم اللغة العربية وقام بمقارنات بينها حيث يظهر تأثير اللغة العربية ومعاجمها الأولى على كلمات المعاجم الإنكليزية الأولية
معجم الفردوس يقدم تحليلا يتناول الاف المفردات العربية التي استعيرت من قبل لغات اخرى اشهرها الانكليزية كونها كما يقول المعجم لغة محدثة لم تزد عن 600 سنة فقط وقامت اساسا على الاستعارة من شتى اللغات الاخرى
 تحدّث الفلوجى عن العربية كأمّ للغات كلها (السومرية-الاكدية، والآرامية -السريانية، والفينيقية، والعبرية ، واللغات الأوروبية ) وان العربية هي الاصل وهى لغة الاسلام بل ولغة التداول العالمي لنظام العالم القديم ا
و”الفردوس” معجم إنجليزي – عـربي للكلمات الإنكليزية ذات الأصول العـربية بعد ضبطها بالمعايير العلمية كالتشابه الصوتي، ودراسة معانيها، وشكل حروفها، واستعمالها النحوي. في المعجمُ أكثر من 3000 جذر كلمة إنجليزية والتي تشكل قرابة 25,000 كلمة من أصل عربي
يعتبر الكتاب أول مرجع شامل من نوعه في (التأثير العـربي على اللغة الإنكليزية)، يساعد في الكشف عن قنوات التفاعل بين اللغتين العربية والإنكليزية، ويعزز التواصل اللغـوي والتفاعل الثقافي بين الشرق والغرب في عصر العـولمة .
يبحث المؤلف فى سعة اللغة العربية وعظمتها والكم الهائل من الكلمات للتعبير حيث العدد الكبير لأسماء مثل السيف، الأسد، الكلب والعسل .. أما مراحل الحُب فتبلغ في العربية إثنى عشر مرحلة وهي "الهوى، العلاقة، الصبابة، العشق، الكلف، الشغف، الغرام، الجوى، التبتل، التتيّم، التدليه والهيام". ثم يذكر كلمات عربية لا نظير لها باللغة الإنكليزية أو باللغات الأخرى منها "تيمّم، فقه،عورة، عرض، حسنة، سيئة، حِسبة، حلال، حرام...
وفى مقارنته لعدد الكلمات فى اللغات المختلفة يظهر تمايز العربية حيث أنّ المعجم الروسي يحتوي على "130,000" كلمة وتعتبر قليلة جدا ، كما يحوي المعجم الفرنسي على "150,000" كلمة، بينما المعجم الإنكليزي يضم 400,000" إلى "600,000" كلمة كما يقول  روبرت كلَيبورن في الصفحة الثالثة من كتابه "حياة وعمر اللغة الإنكليزية" الصادر عام 1990، أما معجم اللغة العربية فيحتوي على "12,302,912" كلمة كما يذكر  شوقي حمادة في معجم عجائب اللغة. كما ذكر بأن الأمم المتحدة قد اعترفت باللغة العربية كلغة ثالثة بعد الإنكليزية والفرنسية، ثم أضيفت الصينية والروسية والإسبانية لتصبح ست لغات للتداول العالمي.
تحدث الفلوجى عن عصر الخلافة العباسية والدور المتميز للترجمة وأهمية العلم واللغات آنذاك ودورها فى انتعاش العلم والمعرفة فى خدمة البشرية
تحدث أيضا عن مجالات متعددة لتلك الدراسة الأكاديمة فى كلمات من الطب والجراحة والتشريح والنباتات والحيوانات والأعشاب والتوابل وغيرها مما يفتح المجال واسعا على مصراعيه لدراسة المجالات المختلفة والعلوم الأخرى فهو خطوة أولى تنتظر خطوات لتتمة المشروع الفريد المتميز
يذكران الفلوجي حاصل على شهادة البكالوريوس في الطب والجراحة من جامعة بغداد وهو الخريج الاول على دفعته عام 1976 وشهادة الدكتوراه في الطب والجراحة من جامعة لندن كما اصدر ثلاثة مراجع علمية مطبوعة باللغة الانكليزية ، وله اكثر من سبعين بحثا باللغة العربية .


الأحد، 10 نوفمبر 2013

تعريف الترجمة وأنواعها

ربما يتساءل البعض: أتحتاج الترجمة إلى تعريف؟
فأقول, إي, لأن هذا العلم من أقدم العلوم التي احتاجها البشر منذ أن جعلنا الله "مختلفا ألسنتنا".
وأبسط التعريفات وأدقها هو: "الترجمة هي نقل نتاج لغوي من لغة إلى أخرى".
و"النقل" هو عملية الانتقال من لسان إلى آخر. و"النتاج اللغوي" هو أي نتاج عن استعمال الإنسان لسانه للكلام أو يده للكتابة على حد سواء, فكل ما ينتجه الإنسان كلاما أو مخطوطا هو نتاج لغوي. و"من لغة إلى أخرى" يدل على المنطلق والمنتهى اللذين يسعى بينهما النتاج اللغوي في اتجاه واحد أو في اتجاهين كما هو الشأن في الترجمة العكسية.
والترجمة أنواع:
منها "الترجة المكتوبة" وهي ترجمة نتاج لغوي ملفوظ أو مكتوب إلى نتاج ترجمي مكتوب بإتاحة مدة زمنية للمترجم تفصله عن تاريخ نشأة النتاج اللغوي المزمع ترجمته.
ومنها "الترجمة الملفوظة" وهي ترجمة نتاج لغوي ملفوظ أو مكتوب إلى نتاج ترجمي ملفوظ وكذلك بإتاحة مدة زمنية للمترجم.
ومنها "الترجمة الفورية" وهي "مكتوبة" أو "ملفوظة" وليست ملفوظة فقط كما يظن البعض. وتتميز هذه الترجمة بعدم إتاحة مدة زمنية للمترجم بين نشأة النص أو تقديمه للمترجم وبين عمله الترجمي. وعليها قد يضطر الترجمان إلى ترجمة كلام قيل للتو أو نص كتب قبل دقائق ترجمة فورية دون تفكير ودون مراجعة. وهذه الترجمة هي الأصعب وهي التي تكثر فيها الأخطاء والاختزالات وتتطلب مجهودا ذهنيا جبارا.

بوركتم وسلمتم.

المصدر

الخميس، 7 نوفمبر 2013

معوقات ترجمة ونشر الادب العربي الى اللغات الاجنبية

الخميس، 7 تشرين الثاني، 2013
لا اريد هنا ان اقوم بعرض مستفيض للواقع الحالي لحركة ترجمة ونشر الادب العربي في اللغات الاجنبية وانما يهمني هنا ان اطرح عدد من الكوابح والمعوقات... ارى من الضروري تناولها بحكم اهتمامي بقضايا الترجمة.
هناك نقطة بداية تفرض نفسها في مقدمة هذه المشكلات، الا وهي احصاء الاعمال العربية المترجمة الى اللغات الاجنبية. فهناك حاليا بين ما يقرب من (كذا) عنوان مترجماً لمؤلفين عرب. واذا نظرنا الى تواريخ صدور هذه العناوين، وجدنا ان حركة ترجمة بعض النصوص العربية المعاصرة كانت قد بدأت في الخمسينات ثم توقفت تقريباً في الستينيات والسبعينيات ثم نهضت نهوضاً ملحوظاً في الثمانينيات والتسعينيات، وبقيت تراوح الى نهاية العقد الاول من هذا القرن بواقع كتابين او ثلاث كل سنتين. فما اسباب هذه الفوارق من حقبة الى اخرى؟!
لقد شهدنا منذ عقد الخمسينيات من القرن الماضي حركة ترجمة لبعض الاعمال الادبية العربية المعاصرة، وكانت هذه الحركة في جملتها امتدادا لعمل الاستشراق على ترجمة التراث العربي والاسلامي. وفي احيان كثيرة كان نفس المستشرق الذي يترجم هذا العمل التراثي او ذاك هو الذي يترجم الادب. ثم جاءت حركة استقلال الاقطار العربية وتلاها نوع من القطيعة في علاقة العرب بالغرب، وكان من شأنه ان سرع عزلة الدراسات الاستشراقية وازمتها المنهجية على مستوى تدريس اللغة العربية بالذات وادابها.
وفي السبعينيات حدثت سلسلة من التحولات بعضها خارج حدود اوطان اللغات الاجنبية- حرب تشرين، الثورة الايرانية ، الحرب العراقية ــــــــ الايرانية ، ازمات اسواق البترول....- وبعضها الاخر داخل حدودها، واقصد هنا، ادراك المجتمعات الاجنبية انه يوجد بين ظهرانيهم (كذا) مليون فرد من المنتمين اصلاً الى الثقافة العربية وان هذا التواجد سوف يستمر ويتزايد عدده...
ادت هذه التحولات الى ان جزءا من النخبة السياسية والثقافية الاجنبية فهمت ضرورة اعادة الاتصال مع اقطار الوطن العربي بل ضرورة اعادة بناء هذه الاتصالات على اسس جديدة. وفي ظل هذا الجو الجديد ظهر جيل جديد من المستعربين ولا اقول المستشرقين، تحرر نسبياً على الاقل من التراث الاستعماري والاستشراق القديم. هذا هو السياق الاجتماعي والمعرفي الذي وقع فيه الآخر الاجنبي في ما عرف بانتعاش الترجمات من الادب العربي الحديث وعلى رأسه الادب العربي المصري وفقاً لمكان الصدارة الذي يحتله هذا الادب في جملة الاداب العربية الحديثة.
انه بالطبع تطور لا بأس به ولكنه في تصوري ليس الا نقطة انطلاق، والحقيقة انه ما زال امامنا نحن العرب والآخر الاجنبي معوقات وكوابح كثيرة لترجمة الكثير من ادبنا، ارى من الضرورة تناول ابرزها:
اولاً: ما قبل الترجمة
السؤال هنا، ماذا نترجم؟ اي كتاب واي كاتب يجب ان يترجم؟ وهنا لا بد من طرح مشكلة فوضى النشر في وطننا العربي:
أ‌- هناك ازمة قراء، فلا أظن ان احداً فينا يختلف عن الآخر في ان الكتاب العرب لا يقرأهم الا زملاؤهم وبعض الهواة المنشغلين في النشاط الثقافي. ان القارئ العادي انصرف عن الادب واكتفى بالقراءة النفعية، اي قراءة كتب ذات عائد مضمون سواء في هذه الدنيا – الكتب التعليمية بشكل عام- او عائد آخروي اي في الاخرة –اقصد الكتب الدينية-.
ب‌- ازمة نشر الادب، نظراً لهذه الظروف فقد انصرفت دور النشر الخاصة عن نشر نتاجات الكتّاب غير المعروفين، واذا نشرت لهم فتلجأ الى صيغ من التقاعد تشبه من قريب او من بعيد ما يسمى النشر على حساب المؤلف.
 اما دور النشر العامة فمازالت تنشر لادباء وكتاب شبه معروفين ولكن في ظروف لا يرضى عنها الكثير، سواء كان على مستوى اختيار النصوص او على مستوى انتاج وتوزيع الكتاب او على مستوى حقوق المؤلف. اضيف على ذلك، ان الناشر قلما يقوم بدور اراه في غاية الاهمية وهو الاشراف على جودة النص الذي ينشره، فهو عادة يكتفي بالتصحيح النحوي ونوع من الرقابة السياسية والاخلاقية.
ج‌- قصور النقد، ولا اقصد هنا النقد الاكاديمي الرفيع المستوى، فهذا موجود وله منابره، وانما اقصد النقد الصحفي او التغطية الاعلامية لحركة الابداع الادبي، فهذه التغطية لا تزال ضعيفة للغاية.
د- قصور الناشرين الذين لا يبذلون الجهد المطلوب لتقديم كتابهم في الخارج، وهذا ينطبق ايضا على المؤسسات الثقافية الحكومية.
هـ- اخيراً، قصور المؤلفين انفسهم، فالكتّاب عموماً اناس يميلون الى الفردية ويفتقدون الى مؤسسات جماعية تدافع عن حقوقهم وعن مصالحهم. هكذا نرى ان الكاتب العربي في الغالب يكتفي بالاعتماد على علاقاته الخاصة والعامة حتى يعرف نفسه على المترجم او الناشر الاجنبي.
في ضوء هذه الظروف الصعبة، نرى ان ما يترجم من اللغة العربية يتم في الغالب ترجمته بمبادرة من المترجم، على عكس ما يحدث في الترجمات من لغات اخرى، وعلى اساس معلومات الجزئية ومفضلاته وتحيزاته وغيرها من المعايير الذاتية التي لا تتطابق بالضرورة لا مع تقييم حقيقي للانتاج الادبي العربي ولا مع معايير ومقتضيات او تحيزات الناشر الاجنبي.
ثانيا ـــــ الترجمة
هي ان تصبح الترجمة من العربية ترجمة عادية شأنها شأن الترجمة من اللغات الاخرى، وان تخرج من دائرة الاستشراق الضيقة الذي يميل الى الاكثار من الهوامش والشروح والابتعاد عن ادعائها الوفاء للنص المكرس/ المقدس.
ولكن حرفة المترجمين/ المستعربين  لم تبرأ بعد من بعض العيوب والاخطاء الراجعة الى مراهقتها. فالمستعربون بحكم تكوينهم الذي لا يزال موجهاً الى ثقافة كلاسيكية تراثية لم يهتموا بعد بالقدر الكافي بالادب المعاصر او عندما يوجهون اهتمامهم اليه، تقتصر عندهم القدرة على فهمه سواء كان لنقص في حسهم الادبي ام لقلة معايشتهم للواقع العربي الحي المتحول واللغة العربية الحية المتحولة هي الاخرى.
المترجم الادبي الامثل في تصوري هو الذي يمتلك في آن واحد المعرفة العميقة والحميمة لظروف الانتاج اللغوية والثقافية والسياسية للنص الذي يترجمه، وموهبة الكتابة في اللغة التي يترجم اليها ولا اقول لغته الام، لان التجربة اثبتت ان هناك امثلة بارزة لمترجمين ناطقين بالعربية يجيدون اللغات الاجنبية نطقاً وكتابة، كالانكليزية والفرنسية، وذلك بسبب دراستهم هناك. وهذا النوع من المترجمين لا اعرف منهم الا القليل. واضف الى ذلك، انه- في انكلترا وفرنسا ايضاً- الترجمة الادبية لا تربح صاحبها مادياً ومعنوياً، خاصة بالنسبة الى ما تتطلبه من مجهود وبالتالي فهي في الغالب لا تزال مهنة جانبية اضافية لا يستطيع المترجم سواء عربي او اجنبي ان يعطيها حقها.
ثالثاً- النشر
ان معظم النصوص المترجمة من العربية الى اللغات الاجنبية وبخاصة الانكليزية والفرنسية والتي نشرت في لندن وباريس، تم نشرها في ظروف خاصة واستثنائية بالنسبة الى اوضاع النشر المعتادة في كلا العاصمتين. فعلى سبيل المثال، عمل دار سندباد للنشر- الفرنسية- الرائد في نشر النصوص العربية والاسلامية، ظل هامشياً شبه مجهول في فرنسا لمدة طويلة. وهذا يرجع في الغالب الى ان اغلبية مبيعات هذه الدار كانت تحدث خارج السوق الفرنسية.
اما سلسلة آداب عربية لدار لاتيس lattès للنشر، فنشرت بالتعاون مع معهد العالم العربي في باريس وفي ظروف جوبهت ببعض الانتقادات، فاختيارها للكتب كان احياناً خاضعا لمقاييس لا صلة لها بالقيمة الادبية، وان الدعم الذي تلقاه دار لاتيس من معهد العالم العربي، اسفر عن نوع من الفتور عند الناشر بالنسبة لتنشيط هذه الكتب والتغطية الاعلامية لها، مما يثير التساؤل حول جدوى او عدم جدوى الدعم في مجال الترجمة والنشر.
في رأي، ان هذا النوع من العمل قد لعب دوره في المرحلة الانطلاقية وانه الان لا بد ان يحل محله النشر العادي الخاضع لقواعد اقتصاديات النشر. وفي الواقع بدأ الناشرون الآخرون يدرجون بعض الاعمال المترجمة من العربية في قوائم منشوراتهم، وهذا بلا شك دليل على ان هذه الدور وصلت الى مرحلة البلوغ، لكن هذه الجهود لا تزال متفرقة متشتتة وتحتاج الى الوسائل الضرورية لتأسيس سياسة متناسقة لنشر الاعمال المترجمة من العربية.
رابعاً- التوزيع
ان نشر عمل ادبي مترجماً الى الانكليزية او الفرنسية لا يزال بالنسبة للناشر نوعاً من المراهنة او المغامرة. فبعد ان حطم الكتاب حواجز الاعتراف ثم الترجمة ثم النشر، يجد نفسه امام حاجز اخطر الا وهو حاجز النقد الادبي العام، نقد الصحف الكبيرة والفضائيات... وهو وسيط لا مناص منه حتى يصل الكتاب الى القارئ العام، اي حتى ينتشر خارج دائرة المهتمين بشؤون الوطن العربي محترفين وهواة.
هل هذه اذن صورة متشائمة؟
لا، اذا بدأ المترجمون والناشرون يعاملون الادب العربي معاملة عادية فبالتأكيد سيأتي اليوم الذي سوف يتعامل فيها النقاد والجمهور بنفس الشكل مع هذا الادب، فليس تصوري هذا متشائم وانما هو صورة صريحة ودعوة الى مناقشة اتمنى ان تكون مفتوحة وحرة الى اقصى حد ممكن.
waleedkaisi@yahoo.com

المصدر