الاثنين، 9 يونيو 2014

الترجمة ما بين العلم والفن والذوق الأدبي

ما هي الترجمة

الترجمة ما بين العلم والفن والذوق الأدبي

هل هي نقل معنى كلمة، أو جملة أو فقرة أو نص من لغة الى لغة أخرى
١ نيسان (أبريل) ٢٠٠٤بقلم زياد مشهور مبسلط
لو سلّمنا بهذا المفهوم، لكان الأمر في غاية البساطة ؛ وهكذا، فإن كل شخص بإمكانه فتح المعجم ونقل المعنى، وكان الله بالسر عليما، وبالتالي يصبح كل شخص قام بهذه المهمة اليسيرة البسيطة مترجما 
وعلى ضوء هذا التعريف، لا اعتقد أن هناك تخصص أو مجال أسمه الترجمة، وعليه، لايمكننا اعتبار فلان مترجما كصاحب مهنة يشار اليها، ويتم تصنيفها مثله مثل الطبيب، المهندس، المحامي ...الخ
ولكن المفهوم الصحيح يختلف اختلافا ً كليا و تاما عن هذه النظرة الخاطئة والمفهوم المغلوط
* * *
إن الترجمة هي علم وفن وذوق، ولها عالمها الخاص ومجالها الواسع، وهي حقل من اهم حقول المعرفة التي لها جذورها الضاربة في التاريخ، كما أن لها اختصاصاتها وتشعباتها وتخصصاتها الدقيقة ايضا ؛ فهناك الترجمة العلمية البحتة التي تتشعب على سبيل المثال لا الحصر الى الطبية، الهندسية، القانونية، والتي بدورها ايضا تتفرع الى ماهو ادق واكثر تفصيلا!
أما المترجم فهو يجلس في كل لحظة أمام اختبار دقيق، وهذا الأختبار لايدركه الا من كان له باع طويل في هذا المجال حيث يدرك مع مرور الزمن ان الترجمة ليست نقل معنى من لغة الى اخرى بمقدار ماهي فن وذوق وجمالية
واسمحوا لي أن اضرب امثلة بسيطة على هذا السياق ؛ لو قلنا أن
A thief escaped 
يمكننا أن نعطي لها المعنى التالي، وهو بطبيعة الحال صحيح، وهو 
هرب اللص 
ولكن، جمالية المعنى وفن الترجمة يعطينا صياغة أجمل من ذلك مع المحافظة على المعنى ذاته، ومن هنا نقول
لاذ اللص بالفرار
ومثال آخر : 
A beautiful garden 
حديقة جميلة 
مع ان الصياغة الأكثر فنا وذوقا وجمالية هي أن نقول 
حديقة غنّاء
* * *
وبهذا، ربما تتفقون معي أن الترجمة هي علم وفن وذوق في آن واحد 
وعلى هذا الأساس، ربما يجلس المترجم في حيرة من امره ؛ فأي المفردات او الصياغات هي الأجمل والأكثر تعبيرا وتاثيرا، وهذا بطبيعة الحال يتعلق بالنصوص الأدبية والأعمال الثقافية والفكرية والآعلامية ايضا .
* * *
هناك مستجدات تطرأ على لغة التخاطب والصياغة لابد! للمترجم أن يواكبها لتكون ترجمته قريبة من المنطق المتداول والمفردة الشائعة حتى لاتكون نصوصه المترجمة غريبة عن هذا الواقع، وهذه الأمور غالبا ماتستجد في ميدان الصحافة والآعلام مما يتطلب من المترجم أن يكون ايضا على اطلاع واسع ومستمر على مثل هذه المستجدات في الصياغة ؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر دخلت تعبيرات عديدة على الخطاب الأعلامي والسياسي العربي منها = الحالة ... =، تناول الموضوع = كحزمة أو رزمة واحدة =، = فترة التبريد =، ... الخ
* * *
يمكنني ان اخلص الى القول بأن الترجمة علم وفن وذوق، ولا بد من التخصص بإحدى مجالاتها تخصصا دقيقا، وينبغي على المترجم أن يكون على اطلاع مستمر ليواكب تطورات الصياغة للمفردة والعبارة في مجال تخصصه، لاسيما إن كان في المجال الذي يقتضي اضفاء روح الجمالية على النص مع المحافظة على أمانة المعنى الصحيح للنص.

السبت، 7 يونيو 2014

حفل اختتام الدورة الأساسية في الترجمة التحريرية والشفوية


اختتمت فعاليات الدورة الأساسية في الترجمة التحريرية والشفوية على شرف سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين في جمهورية إندونيسيا الأستاذ مصطفى بن إبراهيم المبارك، يوم الجمعة الموافق 1 شعبان هـ / 30 مايو 2014م، في فندق ساهاتي – جاكرتا.

بدأ البرنامج بتلاوة آي من القرآن الكريم يرتلها أحد المتدربين الأستاذ / أحمد لقمان، ثم كلمة المتدربين ينوب عنهم الأستاذ / محروس عبد الرحيم عبد الغني، ثم كلمة المدربين ينوب عنها الدكتور محمد الشواي، وتليها كلمة مدير معهد العلوم الإسلامية والعربية الدكتور خالد بن محمد الدهام، وكلمة عميد معهد الملك عبد الله للترجمة والتعريب، الدكتور أحمد بن عبد الله البَنْيَان، وكلمة ممثل وزارة سكرتارية الدولة في جمهورية إندونيسيا، مساعد رئيس قسم إدارة الوثائق والترجمة، الأستاذ هارنووو، وكلمة سفير خادم الحرمين الشريفين الأستاذ مصطفى بن إبراهيم المبارك، وانتهى البرنامج بتسليم الشهادات للمتدربين.

وكانت الكلمات التي قدمت بالعربية قام بعض المتدربين بترجمتها إلى اللغة الإندونيسية ترجمة شفوية تتابعيّة، والتي ألقيت بالإندونيسية ترجمها أحد المدرِّبين إلى العربية ترجمة شفوية منظورة تتبعية، ولم تكن هناك ترجمة شفوية فورية، كما طبقت في بعض الأنشطة التدريبية في هذه الدورة الأساسية الأولى للترجمة التحريرية والشفوية (اللغة العربية – العربية) التي استمرت تسعة أيام في الفترة من (21-31/5/2014م) (أبو عادل عبد الرحيم)

زر كذلك صفحة مجلة الأرخبيل

الخميس، 5 يونيو 2014

في معنى كلمة علم

د. صالح السلطان
وردت كلمة علم في القرآن الكريم مرات كثيرة، كقوله تعالى "لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك" النساء: 162، وقوله "يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني" مريم: 43، ومعلوم بداهة أن العلم في الآيتين مقصود به علم الدين، وليس علوم الكون كالأحياء والهندسة والإحصاء والاقتصاد ونحوها. وعلى هذا المعنى جاءت التسمية "كبار العلماء" أي كبار علماء الدين.
أما في اللغة العربية، فقد جاء في المعجم الوسيط "العلم إدراك الشيء بحقيقته، والعلم اليقين، والعلم نور يقذفه الله في قلب من يحب، والعلم المعرفة. وقيل العلم يقال لإدراك الكلي والمركب، والمعرفة تقال لإدراك الجزئي أو البسيط.
ويطلق العلم على مجموع مسائل وأصول كلية يجمع تجمعها جهة واحدة، كعلم النحو وعلم الأرض والجمع علوم. وعلوم العربية العلوم المتعلقة باللغة العربية كالنحو والصرف والمعاني.
وانتشرت في عصرنا هذا عبارات من قبيل القسم العلمي والكليات العلمية. والعلمي في هذه العبارات وأمثالها ترجمة للكلمة scientific، وهي الصفة من الاسم ساينس science، كما هو معروف في اللغة الإنجليزية، وجاء في قاموس أكسفورد المشهورOxford Advanced Learner's Dictionary، الطبعة السابعة (2005) ما يلي عن معنى ساينس:
1 - معرفة حول تركيب وسلوك العالم الطبيعي والمادي، بناء على حقائق يمكن إثباتها، مثلا بالتجارب.
1-knowledge about the structure and behaviour of the natural and physical world, based on facts that you can prove, for example by experiments.
2 - نظام لترتيب المعرفة حول موضوع بعينه.
2 - a system for organizing the knowledge about a particular subject
ويقصد بها العلوم التي تتناول العالم الطبيعي والمادي، والعلوم الاجتماعية.
وجلب اختيار علم ترجمة كلمة science إشكالات، مثلها في ذلك ترجمات كثيرة. فمن الإشكالات أن الفقه، ليس بعلم، لأنه ليس ساينس، خاصة حسب المعنى الأول. وتبعا لذلك، الفقهاء ليسوا علماء، وهذه نتيجة الترجمة المشوهة. وعندما أدخلت مادة science الساينس في مراحل التعليم العام، كان من الصعب تسمية المقرر علما، ووقع الاختيار على كلمة علوم، وهي جمع علم. وهو الاختيار نفسه لتسمية الكلية التي تدرس علوما كالفيزياء والكيمياء أي كلية العلوم sciences.
وكما ذكرت في القسم الثاني، تنتهي بعض الكلمات في اللغة الإنجليزية باللفظة اللاحقة ics لتعني علم أو دراسة أو معرفة كذا. ومن هذه الكلمات economics التي ترجمت إلى علم أو دراسة الاقتصاد. ومن الأمثلة الأخرى، physics وتعني علم أو دراسة الطبيعة وstatistics وتعني علما أو دراسة الإحصاءات، وmathematics التي تعني علما أو دراسة الأرقام والأشكال ونحو ذلك. ويفهم من اللفظة اللاحقة ics أن تلك العلوم قائمة على المنهج الساينسي.
والعلوم الطبيعية أو التجريبية أدق من العلوم الاجتماعية والإنسانية، وأكثر العلوم الطبيعية دقة هو علم الفيزياء، لكن حتى هذا العلم تقع فيه الأخطاء، فالفيزيائيون بشر يخطئون، بل قد يجمعون على الخطأ لفترة من الزمان.
المنهج العلمي (الساينسي)
ويكثر في الوسط الأكاديمي والبحثي استخدام عبارة المنهج العلمي ترجمة للتعبير الإنجليزي scientific method، ويقوم هذا المنهج على أربع قواعد أو افتراضات:
العلية أو التعليل: لا يمكن للأشياء أن تحدث أو تتغير من دون أسباب. وهذا يعني العلية في تفسير الحوادث. ومن هذا فسر نيوتن سقوط التفاحة من الشجرة بوجود الجاذبية سببا للسقوط.
الحتمية: لا يمكن حدوث شيء آخر، إذا حدث شيء وبقيت الأسباب التي أدت إلى حدوث ذلك الحدث قائمة كما هي من دون تغيير. وعلى ذلك فإن تكرار التجربة دون أي تغيير لا بد أن يعطي النتائج نفسها.
الانتظام: الكون منظم ويجري وفق قوانين، والأحداث تجري بطريقة منتظمة systematic، ولولا ذلك لما أمكن الوصول إلى قوانين في العلوم كعلم الفيزياء والكيمياء والحيوان ووظائف الأعضاء (الفيزيولوجيا) Physiology والتشريح والمرض Pathology والفلك وغيرها.
القدرة: قدرة الإنسان على اكتشاف قوانين الطبيعة.
وهناك ثلاثة مطالب أساسية عند عمل بحث علمي أي ساينسي: أن تكون الواقعة المدروسة قابلة للتجريب أو أمبريقية، أي يمكن التعرف عليها بالحواس، وثانيا أن تتاح الملاحظة لكل من يرغب في الاطلاع، وثالثا يمكن الحصول على النتائج نفسها عند إعادة البحث نفسه، سعيد التل (2006). ومن ثم فإن التفكير العلمي (الساينسي) يتأسس على الإثبات التطبيقي (أي الإثبات القائم على الاختبارات لإثبات الصحة)، والتعليل المنطقي.
وجنحت العلوم الاجتماعية إلى تطبيق المنهج العلمي أي الساينسي scientific method في بحوثها. أما علوم الدين فطبيعة المنهج الساينسي لا تصلح للتطبيق عليها، وتبعا لذلك، ليس من شأن الساينس والمنهج الساينسي إثبات، مثلا، تأثير الدعاء أو صلة الرحم في العمر أو الرزق. ومن ثم لا تدخل علوم الدين في مسمى ساينس لدى عامة الجهات الأكاديمية والبحثية في العالم.
المصدر