نبيل الحيدرى
معجم الفردوس فى ألف وستمائة صفحة كبيرة فى جزئين ضخمين هو مرجع فريد فى عظمة اللغة العربية وآفاقها حيث يرجع كثير من الكلمات الإنكليزية إلى أصول عربية. لقد قام د. مهند الفلوجى مؤلف هذا المعجم الكبير بمجموعة محاضرات عامة فى العاصمة البريطانية لندن حول كتابه (معجم الفردوس) وفى نوادى عربية مختلفة
فكرة الكتاب نشأت عند المؤلف قبل 24 عاماً حينما وقع فى يده عن طريق الصدفة كُتيب صغير مؤلفه مصري يبحث في تاريخ الطب والجراحة حيث يكتشف أنَّ القِرَدة كانت تُشرَّح على ضفاف نهر دجلة ببغداد فى العراق. ومن هنا بدأ اهتمام الفلوجي باستخراج وجمع المصطلحات الطبية ذات الأصل العربي.
يتعجب الفلوجى من عدم ذكر معاجم اللغات الاوربية للكلمات من اصل عربي الا بعدد محدود جداً لايكاد يتجاوز مئات معدودة وهو 333 كلمة فقط. وهو امر عجيب فى رأيه لايتناسب مع ضخامة الاسهام العربي خصوصا في زمن الدول الاسلامية بمراكزها المتعددة بالعلوم والاداب وما تركته من كتب وتصنيفات في مجالات التفكير الانساني ، كما لايتناسب مع الاتصالات الكثيرة والكبيرة ومواقع التاثير خلال العصور حتى رأينا الحروف العربية في اقصى الصين شرقا مرورا بجزر الملايو وحتى السويد شمالا. لقد تباينت لغات البشر بانتشارهم في اصقاع الارض ولكن ذلك لم يمنع من بقائهم مشتركين في الفاظ كثيرة تثير الدهشة لانطباق اصواتها ومعانيها وسياق استعمالاتها وان عانت بعضها من تحريف للشكل الخارجي حتى صعب التعرف على اصولها وان كانوا مختصين بها، ولعل ابناء اللسان الاصلي للغة الام احرى بالقيام بمهمة التحري واستنباط الاصول المتشابهة الجذور حتى وان تشابكت مع فروع غريبة ودخيلة
ذكر المؤلف أن أول معجم عالمى هو الألواح الطينية السومرية، المكتوبة باللغتين السومرية والأكدية تعود إلى 2300 سنة ق. م. أما المعجم الثاني فهو "أورو هوبللو" الذي يعود إلى بداية الألفية الثانية ق. م ويضم "24" لوحاً طينياً. وحاول تحليلها وإرجاعها إلى أصولها. وأما المعاجم العربية فهى مثل "كتاب العين" للفراهيدي في القرن الثامن الميلادي، ولسان العرب لابن منظور في القرن الثالث عشر الميلادي، ثم قاموس المحيط للفيروزآبادي في القرن الرابع عشر الميلادي وهو مهم جدا. ثم ذكر المعاجم الإنكليزية حيث أول معجم إنكليزي قد أُلِّف من قبل روبرت كودري عام 1604، ثم بعده قيام صموئيل جونسون بتأليف معجم اللغة الإنكليزية عام 1755م، وأصبح بدايةً لمعجم أكسفورد المعروف والمطبوع عام 1884 فهى متأخرة زمانا عن معاجم اللغة العربية وقام بمقارنات بينها حيث يظهر تأثير اللغة العربية ومعاجمها الأولى على كلمات المعاجم الإنكليزية الأولية
معجم الفردوس يقدم تحليلا يتناول الاف المفردات العربية التي استعيرت من قبل لغات اخرى اشهرها الانكليزية كونها كما يقول المعجم لغة محدثة لم تزد عن 600 سنة فقط وقامت اساسا على الاستعارة من شتى اللغات الاخرى
تحدّث الفلوجى عن العربية كأمّ للغات كلها (السومرية-الاكدية، والآرامية -السريانية، والفينيقية، والعبرية ، واللغات الأوروبية ) وان العربية هي الاصل وهى لغة الاسلام بل ولغة التداول العالمي لنظام العالم القديم ا
و”الفردوس” معجم إنجليزي – عـربي للكلمات الإنكليزية ذات الأصول العـربية بعد ضبطها بالمعايير العلمية كالتشابه الصوتي، ودراسة معانيها، وشكل حروفها، واستعمالها النحوي. في المعجمُ أكثر من 3000 جذر كلمة إنجليزية والتي تشكل قرابة 25,000 كلمة من أصل عربي
يعتبر الكتاب أول مرجع شامل من نوعه في (التأثير العـربي على اللغة الإنكليزية)، يساعد في الكشف عن قنوات التفاعل بين اللغتين العربية والإنكليزية، ويعزز التواصل اللغـوي والتفاعل الثقافي بين الشرق والغرب في عصر العـولمة .
يبحث المؤلف فى سعة اللغة العربية وعظمتها والكم الهائل من الكلمات للتعبير حيث العدد الكبير لأسماء مثل السيف، الأسد، الكلب والعسل .. أما مراحل الحُب فتبلغ في العربية إثنى عشر مرحلة وهي "الهوى، العلاقة، الصبابة، العشق، الكلف، الشغف، الغرام، الجوى، التبتل، التتيّم، التدليه والهيام". ثم يذكر كلمات عربية لا نظير لها باللغة الإنكليزية أو باللغات الأخرى منها "تيمّم، فقه،عورة، عرض، حسنة، سيئة، حِسبة، حلال، حرام...
وفى مقارنته لعدد الكلمات فى اللغات المختلفة يظهر تمايز العربية حيث أنّ المعجم الروسي يحتوي على "130,000" كلمة وتعتبر قليلة جدا ، كما يحوي المعجم الفرنسي على "150,000" كلمة، بينما المعجم الإنكليزي يضم 400,000" إلى "600,000" كلمة كما يقول روبرت كلَيبورن في الصفحة الثالثة من كتابه "حياة وعمر اللغة الإنكليزية" الصادر عام 1990، أما معجم اللغة العربية فيحتوي على "12,302,912" كلمة كما يذكر شوقي حمادة في معجم عجائب اللغة. كما ذكر بأن الأمم المتحدة قد اعترفت باللغة العربية كلغة ثالثة بعد الإنكليزية والفرنسية، ثم أضيفت الصينية والروسية والإسبانية لتصبح ست لغات للتداول العالمي.
تحدث الفلوجى عن عصر الخلافة العباسية والدور المتميز للترجمة وأهمية العلم واللغات آنذاك ودورها فى انتعاش العلم والمعرفة فى خدمة البشرية
تحدث أيضا عن مجالات متعددة لتلك الدراسة الأكاديمة فى كلمات من الطب والجراحة والتشريح والنباتات والحيوانات والأعشاب والتوابل وغيرها مما يفتح المجال واسعا على مصراعيه لدراسة المجالات المختلفة والعلوم الأخرى فهو خطوة أولى تنتظر خطوات لتتمة المشروع الفريد المتميز
يذكران الفلوجي حاصل على شهادة البكالوريوس في الطب والجراحة من جامعة بغداد وهو الخريج الاول على دفعته عام 1976 وشهادة الدكتوراه في الطب والجراحة من جامعة لندن كما اصدر ثلاثة مراجع علمية مطبوعة باللغة الانكليزية ، وله اكثر من سبعين بحثا باللغة العربية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق