2010-10-26 |
كان المخرج البريطاني الشهير ديفيد لين عائدا الى اوروبا عام 1963 من مراسم حصوله على جائزة الاوسكار عن فيلمه الشهير " لورنس العرب " الذي عرض بافضل صورة وكان يفكر في مشروع جديد وقد وجد في امتعته رواية كانت قد ارسلتها اليه شركة " أم جي أم " لكي يقرأها، فقد كانت رواية روسية كبيرة الحجم ولم يكن لين في بداية رؤيته لرواية بهذا الحجم والبالغ عدد صفحاتها اكثرمن خمسمائة صفحة سعيداً لكن بعد يومين من القراءة أبرق ديفيد لين المهتاج عاطفيا قائلاً " نعم ، سأعمل رواية دكتور زيفاكو "طبقاً لقول كاتب سيرته الذاتية كيفين براونلو . هكذا بدأت العملية الملحمية لترجمة تلك الرواية العظيمة الى فيلم . وهذا بالخصوص ما يستحق أن يشار إليه لأن فن الترجمة هو جزء حيوي من حياة الدكتور زيفاكو حيث ظهرت الآن ترجمة انكليزية جديدة ورائعة قام بها مترجمان هما ريتشارد بفير ولاريسا فولوخونسكي، تهدف إلى مساعدة محبي الأدب في أن يقرأوا الرواية بشكل جديد لكي يتمكنوا بوضوح أكبر أن يروا عالمية الصور التي وضعها باسترناك ضد فن القص الميت في عصره . هذه النسخة الجديدة لرواية دكتور زيفاكو هي أكثر من مجرد تجديد للشعر والنثر الروسي في اللغة الانكليزية، لكنها ترجمة لرواية عظيمة من فترة الحرب الباردة الى الظروف المتغيرة جداً والتي يشهدها القرن الواحد والعشرين . ففي كل مرحلة من حياتها تظهر رواية الدكتور زيفاكو بشكل متغير، مثلما أن بوريس باسترناك كان قد مدح كمترجم للاعمال الادبية الغربية الى اللغة الروسية حينما تم منع نشر أعماله الأدبية من قبل السلطات السوفيتية . شخصية بطل رواية باسترناك يوري زيفاكو تمثل شاعراً كان يكافح من أجل أن يقوم بترجمة مشاعره وانعكاسات الحياة والحب الى شعر . كانت المخطوطات الأولى من الرواية قد كتبت في الثلاثينات من القرن الماضي وقد خطط باسترناك قصة بطله خلال السنوات المحصورة مابين عام 1905 الى 1917، ثم في عام 1946 شرع باسترناك بكتابة نسخة جديدة أطول وهي تلك النسخة التي طبعت لأول مرة بترجمة ايطالية عام ،1957 كما تم انتاج نسخ محدودة منها باللغة الروسية في الغرب في نفس الوقت الذي كان يرى فيه فائزاً بجائزة نوبل للأدب عام 1958 ، وقد حصلت رواية الدكتور زيفاكو على جائزة نوبل في 23 تشرين الاول عام 1958 . هذا الامر الذي تلقى فيه باسترناك عاصفة من الشجب في اليوم التالي من فوزه بالجائزة من قبل النظام السوفيتي آنذاك، على الرغم من ان نغمة رواية الدكتور زيفاكو لم تكن ضد الشيوعية ،لكنها في رأيهم إن باسترناك قد فشل في كتابة روايته ضمن المدرسة السائدة لدى الكتاب الروس آنذاك والمتمثلة بـ" الواقعية الاشتراكية " ، وهذا ما جعله أشر رجل في نظر نيكيتا خروشوف، لذا منعت رواية الدكتور زيفاكو في الاتحاد السوفيتي وأجبر باسترناك على رفض جائزة نوبل. كان باسترناك في الترجمات الأولى الصادرة باللغة الانكليزية متعاطفا مع الحالة الصعبة لمترجمي لغة روايته الى الانكليزية، حيث كانوا يريدون أن ينتجوا رواية لقاريء غير متعود على الفروق الدقيقة في اللغة والثقافة الروسية، وقال عنهم باسترناك في ذلك الوقت " ان الذنب ليس ذنبهم ، فهم مثل كل المترجمين في العالم يريدون نقل الاحساس الحرفي وليس نغمة ما يقال وبالطبع فان النغمة والايقاع هما المهمان "، فالإيقاع الذي أراده باسترناك أن ينقل ما موجود في الأفكار والكفاح والاهم من ذلك في قدرة الحب لدى بطله يوري زيفاكو . من حيث الشكل الخارجي فالرواية تغطي عصر الثورة الروسية، وهي تبدأ من الانتفاضة الفاشلة عام 1905 ، لتمتد إلى الحرب الأهلية ما بين أعوام 1918 – 1923 وتأسيس الاتحاد السوفيتي . وهناك عناصر من السيرة الذاتية في الرواية حيث نشر باسترناك الشاب أولى دواوينه عام 1913، وهو نفس الوقت الذي يبلغ فيه بطل الرواية يوري زيفاكو سن الشباب، وكما إن زيفاكو كان ملتهباً بحبه لـ (لارا ) بطلة الرواية ، كذلك كانت هناك علاقة عاطفية ستترك أثرها على حياة باسترناك العاطفية، ففي عام 1946 وحينما بدأ باسترناك كتابة هذه الرواية التقى ووقع في حب أولغا ايفانسكايا التي اصبحت نموذجاً لبطلته لارا . على أية حال فان رواية دكتور زيفاكو ليست كتاباً عن الثورة الروسية ولا هي بشكلها عملاً له علاقة مباشرة بالسيرة الذاتية، فالرواية هي عن الحياة والعيش ، عن الحب وأن يكون الإنسان محبوباً، وبالمناسبة فان جذر كلمة زيفاكو في اللغة الروسية (zhiv ( يعني الحياة وهو مضاد تماماً إلى معناها في العقيدة الماركسية ، فقد رفض زيفاكو النظريات المجردة حول الثورة الروسية في مشهد مؤثر وهو يوضح ذلك لحبيبته لارا قائلاً " لقد اندلعت الثورة تلقائياً مثل نفس حبس لفترة طويلة ، و انتعش الجميع وكان هناك تحول لدى الجميع ، يمكنك القول ان الجميع قد ذهب الى الثورة مرتين ، مرة من وجهة نظره كشخص ومرة كأمر عام ، ويبدو لي ان الاشتراكية البحر الذي تدفق فيه كل اولئك الاشخاص والثورات يجب أن تجري في بحر أكبر هو بحر الحياة الذي هو البحر الاصلي . وما قلته عن بحر الحياة لا يعني الحياة التي نراها في الرسم، لكنها الحياة التي تمسها العبقرية ، الحياة التي يغنيها الفكر الخلاق، لكن الناس الآن قد قرروا أن يتذوقوها ليست كما هي في الكتب بل من خلال أنفسهم وليس كما هي تجريداً بل من خلال الممارسة ". ان باسترناك يستجوب ذلك من خلال الضمير وليس من خلال نتائج الثورة ذاتها حيث يقول " لقد وعد البلاشفة بيوتوبيا لا طبقية لتبرير حملات التطهير والاعدامات الجماعية التي كانوا يقومون بها من اجل ما يعدوا به في المستقبل". إن زيفاكو يبتهج بالكدح الطبيعي والمشاركة في وفرة الأرض، لكنه لم يكن مهتماً للطموح البارز للشيوعية، فقد كان يبحث عن شكل جديد للمشاركة يعترف به القلب ومعروف بمملكة الله، حيث لا أناس هناك بل هناك أشخاص . لقد وجد باسترناك التراث الأدبي الغني لبلاده في الرمزية الروسية، وهي الحركة التي هيمنت على الخطاب الادبي في سنوات ما قبل الحرب العالمية الاولى ، حيث كان للفردية مكانة عالية في تراث الرمزية كممثلة للعواطف والاحلام والقيم الانسانية . وهذا ما يتمثل بشكل واضح في قصائد يوري زيفاكو في نهاية الرواية وفي كل صفحة منها. من الأهمية بمكان قراءة رواية دكتور زيفاكو ليس باعتبار الزمن وهي رؤية افضل بكثير من الستار الحديدي أو قصص الحرب الباردة، فرواية باسترناك هي قصة رجل ذو ضمير يؤكد على الكرامة الانسانية في وجه دولة قوية جداً، وهي قضية لا تبهت بمرور الزمن . ومن خلال رؤيتنا لرواية الدكتور زيفاكو ككتاب حي وليس مجرد نص يؤرخ لعصر غابر، أدى كلا من ريشارد بيفر ولاريسا فولوخونسكي خدمة هائلة الى كل من يثمن الأدب العظيم فنحن ربما لأول مرة ندرك الحقائق العميقة التي أراد باسترناك حملها، فحينما فتح زيفاكو قلبه لـ " لارا " في ذلك العمل الخالد الذي كان يخاطبنا من خلاله في ذات الوقت " لقد ولد الانسان لكي يعيش وليس لكي يستعد للحياة والحياة نفسها ، ظاهرة الحياة ، هبة الحياة هي أمر مثير بشكل مدهش ". عن موقع : كالفورنيا للعروض الادبية ترجمة : عمار العجلي |
محاولة عرض ما يتعلق بالترجمة من أدواتها وأهدافها وفوائدها في نقل المعرفة والتكنولوجيا من تجارب البشرية عبر الشبكات العنكبوتية
الخميس، 28 أكتوبر 2010
ظهور ترجمة جديدة لرواية باسترناك الشهيرة( دكتور زيفاكو )
السبت، 23 أكتوبر 2010
إطلاق جائزة رفاعة الطهطاوى للترجمة
فى دورتها الثالثة
إطلاق جائزة رفاعة الطهطاوى للترجمة
الخميس، 21 أكتوبر 2010
رفاعة الطهطاوى |
كتب وجدى الكومى
أطلق الدكتور جابر عصفور رئيس المركز القومى للترجمة، الدورة الثالثة لجائزة رفاعة الطهطاوى للترجمة، حيث أعلن المركز فى بيان صحفى عن بدء التقدم للجائزة التى تقدر قيمتها المالية مائة ألف جنيه.
وأكد الدكتور جابر عصفور فى بيان المركز على أن الجائزة قومية تقدم سنوياً لأفضل ترجمة من لغة أصلية إلى اللغة العربية، وحدد عصفور شروط الجائزة بأن تكون الترجمة المرشحة للفوز صدرت عن المركز القومى للترجمة وسوف يستمر المركز فى تلقى الأعمال المشاركة حتى نهاية العام الحالى على أن يغلق باب قبول المشاركات فى 31 ديسمبر.
وشكل الدكتور جابر عصفور لجنة لتحكيم الجائزة تضم فى عضويتها مجموعة من أبرز المثقفين العرب والمصريين، على أن تظل سرية حتى تاريخ إعلان نتائج الجائزة العام المقبل.
وتحمل الجائزة اسم رفاعة رافع الطهطاوى المولود عام 1801 والمتوفى عام 1873 وهو أحد رواد النهضة العلمية والترجمة فى مصر فى عهد محمد على باشا، الذى حكم مصر فى القرن التاسع عشر.
ويتوافق الإعلان عن الجائزة مع مرور ذكرى 138 على وفاة الطهطاوى فى 15 أكتوبر 1873.
ومن المقرر أن يحصل على الجائزة المترجمون الأفراد، أو فريق عمل على إنجاز ترجمة لكتاب، أو موسوعة من الموسوعات، كما دعا المركز الهيئات العلمية والكتاب والقراء المهتمين لترشيح أعمال من المركز جديرة بالحصول على الجائزة.
يذكر أن الدكتور مصطفى لبيب عبد الغنى قد حصل على الجائزة فى الدورة الأولى منها، عن ترجمته لكتاب "فلسفة المتكلمين" للمؤرخ الفلسفى هارى ولفسون، كما فاز بها المترجم بشير السباعى فى دورتها الثانية العام الماضى عن ترجمة كتاب "مسألة فلسطين" للمؤرخ الفرنسى هنرى لورانس، وقد تسلم الفائزان الجائزة فى حفل افتتاح مؤتمر الترجمة وتحديات العصر الذى أقامه المركز القومى للترجمة نهاية مارس الماضى.
وأكد الدكتور جابر عصفور فى بيان المركز على أن الجائزة قومية تقدم سنوياً لأفضل ترجمة من لغة أصلية إلى اللغة العربية، وحدد عصفور شروط الجائزة بأن تكون الترجمة المرشحة للفوز صدرت عن المركز القومى للترجمة وسوف يستمر المركز فى تلقى الأعمال المشاركة حتى نهاية العام الحالى على أن يغلق باب قبول المشاركات فى 31 ديسمبر.
وشكل الدكتور جابر عصفور لجنة لتحكيم الجائزة تضم فى عضويتها مجموعة من أبرز المثقفين العرب والمصريين، على أن تظل سرية حتى تاريخ إعلان نتائج الجائزة العام المقبل.
وتحمل الجائزة اسم رفاعة رافع الطهطاوى المولود عام 1801 والمتوفى عام 1873 وهو أحد رواد النهضة العلمية والترجمة فى مصر فى عهد محمد على باشا، الذى حكم مصر فى القرن التاسع عشر.
ويتوافق الإعلان عن الجائزة مع مرور ذكرى 138 على وفاة الطهطاوى فى 15 أكتوبر 1873.
ومن المقرر أن يحصل على الجائزة المترجمون الأفراد، أو فريق عمل على إنجاز ترجمة لكتاب، أو موسوعة من الموسوعات، كما دعا المركز الهيئات العلمية والكتاب والقراء المهتمين لترشيح أعمال من المركز جديرة بالحصول على الجائزة.
يذكر أن الدكتور مصطفى لبيب عبد الغنى قد حصل على الجائزة فى الدورة الأولى منها، عن ترجمته لكتاب "فلسفة المتكلمين" للمؤرخ الفلسفى هارى ولفسون، كما فاز بها المترجم بشير السباعى فى دورتها الثانية العام الماضى عن ترجمة كتاب "مسألة فلسطين" للمؤرخ الفرنسى هنرى لورانس، وقد تسلم الفائزان الجائزة فى حفل افتتاح مؤتمر الترجمة وتحديات العصر الذى أقامه المركز القومى للترجمة نهاية مارس الماضى.
الأربعاء، 20 أكتوبر 2010
جمعية الحقوقيين تصدر كتابا جديدا بعنوان /مترجم الوكالات القانونية
الشارقة في 20 اكتوبر /وام/ اصدرت جمعية الحقوقيين كتابا قانونيا جديدا بعنوان " مترجم الوكالات القانونية " باللغتين العربية والانجليزية لمؤلفه مصطفى عبد الواحد سيد مسئول أعمال الترجمة بالإدارة القانونية لمجموعة الإمارات دبي الوطني.
ويأتي الكتاب الجديد لينضم إلى سلسلة الإصدارات القانونية التي تقوم الجمعية بطباعتها وإصدارها أو توقيع مذكرات تفاهم مع عدد من المؤلفين والجهات المختلفة تهدف من خلالها إلى إثراء الثقافة القانونية لأعضاء الجمعية و العاملين في مجال القانون من قضاة ووكلاء نيابة ومحامين ومستشارين قانونيين وأساتذة وطلاب الجامعات.
ويقع كتاب " مترجم الوكالات القانونية" في 131 صفحة من القطع المتوسط ويتناول في أبوابه الرئيسية مدخل رئيسي يعرض من خلاله المترجم تعريف الوكالة القانونية وأنواعها وتعريف كل نوع وشروط اختيار الوكيل القانوني وتوقيع الوكالة القانونية وسريان مفعولها وتوثيقها.
ويضم الكتاب الذي يتكون من ثلاثة عشر فصلا عدد 37 وكالة قانونية محلية ودولية كما يغطي كافة أغراض الوكالات القانونية العامة والطبية والقضائية والتجارية والإستثمارية والمالية والشرعية والعقارية والمستمرة والعسكرية وغيرها.
ويشتمل الكتاب ايضا على عدد /5/ نماذج لإشعارات إلغاء الوكالات القانونية كما يتضمن ترجمة للعديد من المصطلحات القانونية والمالية والاستثمارية والتجارية.
ويأتي الكتاب الجديد لينضم إلى سلسلة الإصدارات القانونية التي تقوم الجمعية بطباعتها وإصدارها أو توقيع مذكرات تفاهم مع عدد من المؤلفين والجهات المختلفة تهدف من خلالها إلى إثراء الثقافة القانونية لأعضاء الجمعية و العاملين في مجال القانون من قضاة ووكلاء نيابة ومحامين ومستشارين قانونيين وأساتذة وطلاب الجامعات.
ويقع كتاب " مترجم الوكالات القانونية" في 131 صفحة من القطع المتوسط ويتناول في أبوابه الرئيسية مدخل رئيسي يعرض من خلاله المترجم تعريف الوكالة القانونية وأنواعها وتعريف كل نوع وشروط اختيار الوكيل القانوني وتوقيع الوكالة القانونية وسريان مفعولها وتوثيقها.
ويضم الكتاب الذي يتكون من ثلاثة عشر فصلا عدد 37 وكالة قانونية محلية ودولية كما يغطي كافة أغراض الوكالات القانونية العامة والطبية والقضائية والتجارية والإستثمارية والمالية والشرعية والعقارية والمستمرة والعسكرية وغيرها.
ويشتمل الكتاب ايضا على عدد /5/ نماذج لإشعارات إلغاء الوكالات القانونية كما يتضمن ترجمة للعديد من المصطلحات القانونية والمالية والاستثمارية والتجارية.
الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010
(كلمة) يترجم كتابا حول أبعاد العلاقة بين الاسلام والفاتيكان قديما وحديثا
11/10/2010 | ||
ابوظبي 11 - 10 (كونا) -- اصدر مشروع (كلمة) للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث كتابا جديدا بعنوان (بين روما ومكة .. البابوات والاسلام) يستعرض ابعاد العلاقة بين الاسلام والمسيحية قديما وحديثا. وقال المشروع في بيان اليوم ان "الكتاب الجديد وهو من تأليف هاينتس يواكيم فيشر يحكي خلاصة علاقة المؤلف الممتدة مع الفاتيكان والتي تزيد على 20 عاما ما جعله على تماس مباشر مع هذا العالم وشخصياته حيث رافق البابا السابق في جميع رحلاته الى العالم الاسلامي كما رافق البابا الحالي". واضاف ان "أهمية الكتاب تكمن في أنه يطلع القارئ العربي على المنظور التاريخي للعلاقة بين المسيحية والاسلام من وجهة نظر صحافي وثيق الصلة بالفاتيكان". واوضح البيان ان "فكرة هذا الكتاب تولدت بعد المحاضرة التي ألقاها البابا الحالي في جامعة ريجنسبورغ بعنوان (الايمان والعقل والجامعة) التي أثارت ردود فعل واسعة في العالم الاسلامي والتي شكلت حافزا للمؤلف ليقرأ العلاقة بين الكاثوليكية المسيحية والاسلام من منظور تاريخي مقارن بصرف النظر عما يشوب منظوره الشخصي من اشكالات". وقال ان "الكتاب يتكون من أربعة أبواب تشرح في مجموعها أبعاد العلاقة بين الطرفين قديما وحديثا ففي الباب الأول يجري فيشر مقارنة بين رابطة العالم الاسلامي والفاتيكان ويتحدث في الباب نفسه عن الحروب الصليبية وحصار العثمانيين لمدينة فيينا". واضاف "في الباب الثاني يتحدث الكتاب عن البابوات المعاصرين وموقفهم من الاسلام ويتوقف فيشر في هذا الباب عند قرار المجمع الفاتيكاني الثاني بين عامي (1962-1965) ذي البعد الايجابي من الاسلام ويتحدث فيه عن رؤية البابا السابق للاسلام وحواراته مع المسلمين". واشار الى ان "الباب الثالث خصصه فيشر للبابا الحالي بينديكت السادس عشر وأوضح فيه تكوينه العلمي والأكاديمي وتدريسه في العديد من الجامعات الألمانية ورؤيته للعلاقة بين الايمان والعلم والعقل موردا نص محاضرته وحواشيها وخلفياتها وصداها والأجواء التي رافقتها في ألمانيا والردود عليها". وقال البيان ان "الكتاب بعد ذلك يتوقف عند الرسالة التي بعثها 138 شخصية اسلامية الى البابا تحت عنوان (كلمة سواء) ويبين ما تتحلى به هذه الكلمة من هدوء وعقلانية". واضاف ان "فيشر خصص الباب الرابع للحديث عن مواقف بعض البابوات من الحروب الصليبية" مشيرا الى وطأة هذا الموروث الثقيل بوصفه عائقا للحوار ليتوقف في الختام عند مفكري عصر التنوير في الغرب مثل الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا ويرى أن على مفكري الاسلام أن يقوموا بطرح مقولاته على دينهم. ويتحدث الكتاب في مواطن متعددة عن الحوار الاسلامي المسيحي وعلى الرغم من اسهابه في الحديث عن أجواء ايجابية سادت الفاتيكان ووجود شخصيات تتحلى بشيء من المرونة الا أنه يخلص الى نهاية متشائمة يقتطفها من مقدمة البابا الحالي لكتاب رئيس مجلس الشيوخ الايطالي يقول فيها "ان الحوار بين الأديان غير ممكن بالمعنى الدقيق". واوضح البيان ان "هذا الكتاب استعراض تفصيلي لسياسة الفاتيكان تجاه الاسلام في القرنين العشرين والحادي والعشرين ويسعى لأن يكون نقديا وتحليليا باحثا عن قيم مشتركة تقوم على الاحترام المتبادل والتخلي عن العنف". يذكر ان مؤلف الكتاب حاز على شهادة الدكتوراه في عام 1973 في فلسفة الأديان من جامعة ميونيخ ويعمل منذ عام 1978 مراسلا صحافيا لصحيفة (فرانكفورتر الجماينة) في ايطاليا والفاتيكان وله كتابان وقد نشر سلسلة (مكتبة الأدب المحظور) والتي تتضمن الكتب التي سبق أن أدرجها الفاتيكان ضمن قائمة الممنوعات. |
الجمعة، 8 أكتوبر 2010
المترجمون الجهلة
محمود الزيودي قال أسلافنا أن آفة العلم النسيان .. ونحن نجزم أن بعض المترجمين من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية هم آفة العلم في زمن التدوين على الورق وعلى ذاكرة الكمبيوتر وشاشة التلفزيون . ولأنهم يترجمون إلى العربية مواد وثائقية وتاريخية كتبها الرحالة والمستشرقون قبل أكثر من مائة عام . فأن جهلهم بأسماء الأماكن والأعلام التي وردت في النص الأجنبي بالأحرف اللاتينية وعدم البحث والتمحيص في جذوره العربية. يؤدي إلى تحريف كبير يأخذ به الباحثون والدارسون الجدد كوثيقة . كما نجد أن بعض المؤسسات الإعلامية الكبرى مثل قناة الجزيرة تمارس هذا التحريف والتشويه بواسطة مترجمها الأقل خبرة ودراية في الموضوع عبر برامجها الوثائقية التي تعتبر مرجعا للدراسين والباحثين . |
ففي حلقة عن المهندس المبدع نوري المهيد الذي صمم واشرف على بناء منبر صلاح الدين الأيوبي يرد اسم المحيد أكثر من مرة بدلا من المهيد وهي قبيلة علم في افق البادية العربية عبر العصور ولم يزل الرواة يتناقلون قصة ابن مهيد المصّوت بالعشاء في سنين القحط حيث يجتمع على مائدته أكثر من الف فقير ومعوز كل مساء . فأستاذ الجامعة العالم البريطاني الذي أشاد بإبداع نوري لفظ اسم عائلته صحيحا ( المهيد ) فظنها المترجم أو قرر إنها المحيد رغم لفظها بالعربية أكثر من مرة على لسان ضيوف البرنامج العرب . |
وفي كتاب الباحث والرحالة البريطاني مايكل أشر عن شطحات لورانس وأكاذيبه في اعمدة الحكمة السبعة الذي صدر منذ أعوام . نجد ان المترجمة التي تحمل درجة الدكتوراه تورد اسم ابوطي بدلا من ابو تايه عبر خمسمئة صفحة من كتاب لورانس ملك العرب غير المتوج ومحمد الدحيلان يصبح الضحيلان دون الرجوع إلى المصادر العربية التي دونت أحداث الثورة العربية الكبرى . وهي امام عينيها في مكتبات القاهرة . ولم تكلف دار سطور ( الناشرة للترجمة ) أحدا بمراجعة الترجمة وتدقيقها . |
وفي دراسة عن الشاعر الفارس راكان ابن حثلين الذي عاش في الأحساء زمن الحكم العثماني . يورد المترجم اسم الرجل ( ابن هذلين ) .. |
من أطرف ما قرأت للمترجمين . جملة في كتاب حرب الصحراء الذي ألفه قائد جيشنا زمن الاستعمار جون باجيت كلوب عن مشاكل الحدود بين العراق والسعودية 1920 - 1930 وترجمه صادق الركابي جملة ردا عن سؤال اين الضابط ؟ وردت بالنص ( يبغى يجي هالهين ) والمقصود يبغى يجي هالحين ... كتبها الباشا ابو حنيك بالإنجليزية هالحين وترجمها الركابي هالهين ( ص 207 من الكتاب) . |
التاريخ : 03-10-2010 |
الاثنين، 4 أكتوبر 2010
تطور حركة الترجمة ومكانة القصة العربية في سوق النشر في إيطاليا
تشكل إيطاليا ، في موقعها الجغرافي ، جسراً بين أوروبا والعالم العربي: لأنها تقع في مركز البحر المتوسط ، الذي يسميه المفكر فرناند بروديل "القارة السائلة" ، ويقصد ، بذلك ، منطقة حيوية ذات تاريخ وثقافة خاصين بها.
في هذا الإطار ، أشار المستعرب الإسباني ، ميغيل بالاسيوس ، إلى إمكانية التبادل الثقافي ، في العصور الوسطى ، بين الأدب العربي والإيطالي ، وتأثر الشاعر الإيطالي الشهير ، دانتي أليكياري ، بمؤلفات أبي العلاء المعري ، وابن عربي ، وابن حزم ، والإبداع الثقافي في الأندلس وجنوب إيطاليا. وكما هو معروف ، فإن الشاعر دانتي يعتبر عموداً مهما في الأدب الغربي ، عامة ، وذلك في تحفته ، "الكوميديا الالهية".
وقد أدى هذا الارتباط المبكر بالتراث العربي إلى توجه مثقفي إيطاليا إلى الاهتمام في دراسة الحضارة العربية ، قبل غيرهم في سائر دول أوروبا.
وبرغم الاندماج الحيوي ، والمثمر ، بين تراث الحضارتين العريقتين ، فإنه لم يتم الاعتراف بأهمية هذا التبادل الثقافي على مستوى النظام التعليمي الكلاسيكي. وظل نموذج القصة العربية المعروف في إيطاليا مقتصراً ، زمناً طويلاً على حكايات ألف ليلة وليلة.
وقد أبدى الأكاديميون الإيطاليون المعاصرون اهتماماً أكبر ، وأكثر جدية ، في تأثير الثقافة العربية في جذور الأدب الإيطالي ، ومن الجدير بالذكر أن العديد من الجامعات الإيطالية كرست تقاليد راسخة في دراسة اللغات الشرقية ، مثل جامعة نابولي الشرقية ، وهي أقدم معهد للدراسات الآسيوية في القارة الأوروبية ، ومعهد الفونسو نالينو للشرق ، والمعهد البابوي للدراسات العربية والإسلامية ، والمؤسسة الإيطالية لأفريقيا والشرق ، التابعة لوزارة الخارجية الإيطالية.
ويبذل الأكاديميون الإيطاليون جهداً كبيراً في عملية ترجمة الروايات ، والقصائد ، والقصص ، والمسرحيات العربية القديمة ، والمعاصرة. وقد فاق عدد الكتب العربية ، في الرواية ، والشعر ، والقصة ، التي ترجمت إلى الإيطالية ، ما تمت ترجمته في فرنسا ، مع ضرورة الإشارة إلى أن المنجز الإيطالي ـ في حقل الترجمة من العربية ـ ما زال يقتصر على الميدان الأكاديمي الرسمي ، وبعض دور النشر الصغيرة المهتمة في متابعة الأدب العربي.
ونظراً للطبيعة الفنية للقصة العربية المعاصرة ، التي تقدم للقارئ الأجنبي نظرة شاملة إلى جميع الصور التي تتمخض عنها المخيلة العربية ، إلى جانب قدرتها على الاستحضار من خلال لغة مباشرة وتلقائية ، بفضل إمكانية القصة في التعبير عن جملة متنوعة من الرموز ، والمشاعر ، والانفعالات ، بشكل موجز ، فقد ركز المترجمون الإيطاليون على هذا النمط الأدبي ، في محاولة لتقديم ثقافة المجتمع العربي المعاصر ، ملامحه ، للقارئ الإيطالي. وقد صدر العديد من المجموعات القصصية والمختارات الأدبية مثل: "القاصون العرب المعاصرون" ، و"المتوسط الآخر" ، و"كلمة امرأة ، جسد امرأة" التي احتوت على ترجمات لأعمال قصصية من أنحاء العالم العربي كافة ، مثل أعمال: يوسف إدريس ، إدوارد الخراط ، زكريا تامر ، غادة السمان ، حنان الشيخ ، هدى بركات ، إبراهيم الكوني ، غسان كنفاني ، حسن نصر ، عالي الدعاجي ، سميرة عزام ، بهاء طاهر وغيرهم.
وبرغم المبادرات والأنشطة التي قام بها المختصون في الإنتاج الأدبي العربي ، على مدى سنوات ، غير أن حركة النشر في إيطاليا لم تتكرس ، بشكل جدي ممنهج ، سوى في العقدين الأخيرين ، وقد جاء هذا الاقتراب التدريجي ـ بحسب رأي الدكتور حسين حمودة ، الأستاذ بجامعة حلوان المصرية ـ على ثلاث مراحل متميزة: الأولى واقعة فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل ، في عام 1988 ، والذي سجل بفوزه اعترافاً أدبياً دولياً بمنجز كاتب عربي ، وذلك للمرة الأولى في تاريخ أوروبا:
الثانية تداعيات أحداث أيلول ، 2001 ، في نيويورك ، التي أدت إلى زيادة رغبة الدول الغربية في فهم القضايا السياسية والاجتماعية والدينية في الشرق الأوسط. في ذلك الوقت كانت المكتبات الإيطالية الكبرى ، مثل: موندادوري ، وفيلترينالي ، تعرض للبيع ـ في رفوفها الأولى ـ قصصاً مأساوية عن ضحايا مزعومين لانتهاكات حقوق المرأة ، وعن التقاليد الرجعية ، والتعصب الديني ، والتي لاقت إقبالاً كثيفاً من القارئ الغربي ، وحققت أعلى نسبة في المبيعات. مع الإشارة إلى أن معظم أصحاب هذه القصص التافهة ، على المستوى الفني ، هم ـ للأسف ـ كتاب عرب متواضعو الموهبة ، متدنو المستوى الثقافي ، يقيمون في الغرب ، وهم غير معروفين في العالم العربي.
كما بدأت تظهر ، في البرامج التلفزيونية ، شخصيات عربية عديمة الخبرة المطلوبة في هذا السياق ، وأحياناً ، ذات مصداقية مشكوكة بها ، تقود النقاش نحو الدين الإسلامي ، من مثل: عارضة الأزياء التونسية ، عفاف جنيفن ، والصحفي المصري ، مجدي علام ، الذي يؤيد نظرية تخلف الحضارة العربية ، وقد اعتنق المسيحية في عام 2008 ، بحجة عدم وجود شخصيات عربية أخرى ، موثوق بها ، يمكن الرجوع إليها في الساحة الإيطالية ، وبحجة أنه ليس هناك مجال ـ في البرامج الحكومية ـ للاستعانة بخبراء عرب ، أو أكاديميين إيطاليين ، غير مسيسين. وما زال النقاش الدائر مقصوراً على قضايا: الجهاد ، والحجاب ، وحقوق المرأة ، والتعصب الديني ، وبالتالي الكتب المختارة للترجمة ، والصادرة عن أهم دور النشر ، تعزز هذا النموذج ، مثل قصص عن الصحراء ، والحريم ، واضطهاد المرأة ، على حساب قيمة العمل الأدبي.
ومن الجدير بالملاحظة أن الكتاب العرب المقيمين في أوروبا ، الذين يؤلفون باللغة الفرنسية والإنجليزية ، مثل: الطاهر بن جلون ، وأمين معلوف ، وآسيا جبار ، يتمتعون بمكانة مميزة لدى دور النشر الكبيرة ، أما الكتاب الكلاسيكيون ، الذين يتميزون بأساليبهم الفنية باللغة العربية فما زالوا غير معروفين عند عامة القراء. وكتبهم صادرة عن دور النشر الصغيرة المختصة في الأدب العربي ، مثل جوفانس التي تعتمد على فريق من المترجمين الذين يختارون القصص على أساس مستواها من الذوق الفني.
مع اطلاعها على ملامح التنوع الأدبي العربي ، تعمل جوفانس على نشر مختارات من قصص قصيرة من كل البلدان العربية ، مثل كتبها: "وردة من الجزيرة العربية" ، و"لؤلؤة من اليمن" ، و"لؤلؤة من الإمارات" ، وكتب أخرى ، في إطار بعض السلسلات المعنية بعنوان §الكتاب العرب المعاصرون ، "ذكريات من البحر المتوسط" ، "الثقافة العربية" ، وذلك بإشراف المستعربة الإيطالية الشهيرة ، الأستاذة إيزابيلا كاميرا دافليتو ، التي تعد من أهم الخبراء في الأدب العربي المعاصر ، في إيطاليا ، وهي كذلك عضو في هيئة التحكيم لجائزة الشارقة للثقافة العربية ، المدعومة من طرف منظمة اليونيسكو. مع ذلك فيجب أن نعلم أنّ القصص القصيرة ، والداواوين الشعرية ، هي أقل رواجاً من الروايات ، في السوق الإيطالية ، على خلاف السوق العربية ، كما جاء في ملاحظة للمستعرب روجر ألن ، والقارئ الإيطالي يفضل ـ عادة ـ شراء الروايات.
والمرحلة الأخيرة لتطور حركة الترجمة في إيطاليا شهدت بروز ظاهرة الهجرة من شمال أفريقيا والشرق الأدنى إلى إيطاليا ، في السبعينيات من القرن الماضي ، والتي لم تجد طريقتها في التعبير الأدبي إلا في التسعينيات من القرن نفسه. كتاب من الجزائر ، مثل: عمارة لخوص ، طاهر لمري ، سماري عبدالملك ، أو العراقي يونس توفيق ، يكتبون بالعربية ولكن مؤلفاتهم تنشر ، فقط ، في ترجمتها إلى الإيطالية ، باستثناء رواية عمارة لخوض الأكثر رواجاً ، والتي تعالج وضع المهاجرين المقيمين في روما ، بعنوان "كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك" ، والذئبة رمز أسطوري لمدينة روما ، وكأن هذه المدينة ذئبة رمزية ، لديها قدرة إرضاع ـ وعضًّ ـ ضيوفها من الخارج ، والمحاصرين بالإجحاف والأحكام النمطية المسبقة.
ومن جانب آخر ثمة ، أيضاً ، بعض الكتاب المقيمين في إيطاليا ، والذين يؤلفون بالعربية من دون مواكبة الترجمة الإيطالية لأعمالهم. ويمثل هؤلاء تيار ما يسمى "مدرسة المهجر" ، ومن أبرزهم المصريون: أبو شارب ، سلامة الطويل ، أحمد البكري وغيرهم. ويركز على تحليل هذه الظاهرة الجديدة الناقد الإيطالي أرماندو نيشي.
فالنقاش حول المهاجرين العرب قد يؤدي ، كذلك ، إلى طرح تساؤل حول هوية إنتاجهم الأدبي ، والفكري: هل هم كتاب عرب أم هم الكتاب الذين يؤلفون باللغة العربية ، أو كتاب عاشوا في بلد عربي ، فترة محددة؟ هل تحديد الإنتاج العربي هو قضية جنسية ، أم وطنية ، أم لغوية؟ أو ـ بعبارة أخرى: هل بامكاننا أن نشير إلى كتاب ، مثل آسيا جبار ، على أنها كاتبة عربية؟ وإلى بحوث المثقفين العائدين إلى ما يسمى بأدب ما بعد الاستعمار ، مثل جاك دريدا ، أو هيلين سيكسو ، جزائري المولد ، والمغربية فاطمة المرنيسي ، والفلسطيني إدوارد سعيد ، المؤسسين في الفكر والفلسفة والنقد ، في التفكير الغربي ، ما بعد الحداثة ، علما بأنهم يركزون ، في كتابتهم ، على قضية الغيرية أو هوية الآخر بالذات ، بموجب هويتهم الممزقة بين ضفتي البحر المتوسط؟
ثمة أسئلة عديدة أخرى ، لكنني أتوقف ، هنا ، علكم تضيفون إلى ما كتبت فيض ثقافتكم ، ومعرفتكم ، وتجربتكم.
في هذا الإطار ، أشار المستعرب الإسباني ، ميغيل بالاسيوس ، إلى إمكانية التبادل الثقافي ، في العصور الوسطى ، بين الأدب العربي والإيطالي ، وتأثر الشاعر الإيطالي الشهير ، دانتي أليكياري ، بمؤلفات أبي العلاء المعري ، وابن عربي ، وابن حزم ، والإبداع الثقافي في الأندلس وجنوب إيطاليا. وكما هو معروف ، فإن الشاعر دانتي يعتبر عموداً مهما في الأدب الغربي ، عامة ، وذلك في تحفته ، "الكوميديا الالهية".
وقد أدى هذا الارتباط المبكر بالتراث العربي إلى توجه مثقفي إيطاليا إلى الاهتمام في دراسة الحضارة العربية ، قبل غيرهم في سائر دول أوروبا.
وبرغم الاندماج الحيوي ، والمثمر ، بين تراث الحضارتين العريقتين ، فإنه لم يتم الاعتراف بأهمية هذا التبادل الثقافي على مستوى النظام التعليمي الكلاسيكي. وظل نموذج القصة العربية المعروف في إيطاليا مقتصراً ، زمناً طويلاً على حكايات ألف ليلة وليلة.
وقد أبدى الأكاديميون الإيطاليون المعاصرون اهتماماً أكبر ، وأكثر جدية ، في تأثير الثقافة العربية في جذور الأدب الإيطالي ، ومن الجدير بالذكر أن العديد من الجامعات الإيطالية كرست تقاليد راسخة في دراسة اللغات الشرقية ، مثل جامعة نابولي الشرقية ، وهي أقدم معهد للدراسات الآسيوية في القارة الأوروبية ، ومعهد الفونسو نالينو للشرق ، والمعهد البابوي للدراسات العربية والإسلامية ، والمؤسسة الإيطالية لأفريقيا والشرق ، التابعة لوزارة الخارجية الإيطالية.
ويبذل الأكاديميون الإيطاليون جهداً كبيراً في عملية ترجمة الروايات ، والقصائد ، والقصص ، والمسرحيات العربية القديمة ، والمعاصرة. وقد فاق عدد الكتب العربية ، في الرواية ، والشعر ، والقصة ، التي ترجمت إلى الإيطالية ، ما تمت ترجمته في فرنسا ، مع ضرورة الإشارة إلى أن المنجز الإيطالي ـ في حقل الترجمة من العربية ـ ما زال يقتصر على الميدان الأكاديمي الرسمي ، وبعض دور النشر الصغيرة المهتمة في متابعة الأدب العربي.
ونظراً للطبيعة الفنية للقصة العربية المعاصرة ، التي تقدم للقارئ الأجنبي نظرة شاملة إلى جميع الصور التي تتمخض عنها المخيلة العربية ، إلى جانب قدرتها على الاستحضار من خلال لغة مباشرة وتلقائية ، بفضل إمكانية القصة في التعبير عن جملة متنوعة من الرموز ، والمشاعر ، والانفعالات ، بشكل موجز ، فقد ركز المترجمون الإيطاليون على هذا النمط الأدبي ، في محاولة لتقديم ثقافة المجتمع العربي المعاصر ، ملامحه ، للقارئ الإيطالي. وقد صدر العديد من المجموعات القصصية والمختارات الأدبية مثل: "القاصون العرب المعاصرون" ، و"المتوسط الآخر" ، و"كلمة امرأة ، جسد امرأة" التي احتوت على ترجمات لأعمال قصصية من أنحاء العالم العربي كافة ، مثل أعمال: يوسف إدريس ، إدوارد الخراط ، زكريا تامر ، غادة السمان ، حنان الشيخ ، هدى بركات ، إبراهيم الكوني ، غسان كنفاني ، حسن نصر ، عالي الدعاجي ، سميرة عزام ، بهاء طاهر وغيرهم.
وبرغم المبادرات والأنشطة التي قام بها المختصون في الإنتاج الأدبي العربي ، على مدى سنوات ، غير أن حركة النشر في إيطاليا لم تتكرس ، بشكل جدي ممنهج ، سوى في العقدين الأخيرين ، وقد جاء هذا الاقتراب التدريجي ـ بحسب رأي الدكتور حسين حمودة ، الأستاذ بجامعة حلوان المصرية ـ على ثلاث مراحل متميزة: الأولى واقعة فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل ، في عام 1988 ، والذي سجل بفوزه اعترافاً أدبياً دولياً بمنجز كاتب عربي ، وذلك للمرة الأولى في تاريخ أوروبا:
الثانية تداعيات أحداث أيلول ، 2001 ، في نيويورك ، التي أدت إلى زيادة رغبة الدول الغربية في فهم القضايا السياسية والاجتماعية والدينية في الشرق الأوسط. في ذلك الوقت كانت المكتبات الإيطالية الكبرى ، مثل: موندادوري ، وفيلترينالي ، تعرض للبيع ـ في رفوفها الأولى ـ قصصاً مأساوية عن ضحايا مزعومين لانتهاكات حقوق المرأة ، وعن التقاليد الرجعية ، والتعصب الديني ، والتي لاقت إقبالاً كثيفاً من القارئ الغربي ، وحققت أعلى نسبة في المبيعات. مع الإشارة إلى أن معظم أصحاب هذه القصص التافهة ، على المستوى الفني ، هم ـ للأسف ـ كتاب عرب متواضعو الموهبة ، متدنو المستوى الثقافي ، يقيمون في الغرب ، وهم غير معروفين في العالم العربي.
كما بدأت تظهر ، في البرامج التلفزيونية ، شخصيات عربية عديمة الخبرة المطلوبة في هذا السياق ، وأحياناً ، ذات مصداقية مشكوكة بها ، تقود النقاش نحو الدين الإسلامي ، من مثل: عارضة الأزياء التونسية ، عفاف جنيفن ، والصحفي المصري ، مجدي علام ، الذي يؤيد نظرية تخلف الحضارة العربية ، وقد اعتنق المسيحية في عام 2008 ، بحجة عدم وجود شخصيات عربية أخرى ، موثوق بها ، يمكن الرجوع إليها في الساحة الإيطالية ، وبحجة أنه ليس هناك مجال ـ في البرامج الحكومية ـ للاستعانة بخبراء عرب ، أو أكاديميين إيطاليين ، غير مسيسين. وما زال النقاش الدائر مقصوراً على قضايا: الجهاد ، والحجاب ، وحقوق المرأة ، والتعصب الديني ، وبالتالي الكتب المختارة للترجمة ، والصادرة عن أهم دور النشر ، تعزز هذا النموذج ، مثل قصص عن الصحراء ، والحريم ، واضطهاد المرأة ، على حساب قيمة العمل الأدبي.
ومن الجدير بالملاحظة أن الكتاب العرب المقيمين في أوروبا ، الذين يؤلفون باللغة الفرنسية والإنجليزية ، مثل: الطاهر بن جلون ، وأمين معلوف ، وآسيا جبار ، يتمتعون بمكانة مميزة لدى دور النشر الكبيرة ، أما الكتاب الكلاسيكيون ، الذين يتميزون بأساليبهم الفنية باللغة العربية فما زالوا غير معروفين عند عامة القراء. وكتبهم صادرة عن دور النشر الصغيرة المختصة في الأدب العربي ، مثل جوفانس التي تعتمد على فريق من المترجمين الذين يختارون القصص على أساس مستواها من الذوق الفني.
مع اطلاعها على ملامح التنوع الأدبي العربي ، تعمل جوفانس على نشر مختارات من قصص قصيرة من كل البلدان العربية ، مثل كتبها: "وردة من الجزيرة العربية" ، و"لؤلؤة من اليمن" ، و"لؤلؤة من الإمارات" ، وكتب أخرى ، في إطار بعض السلسلات المعنية بعنوان §الكتاب العرب المعاصرون ، "ذكريات من البحر المتوسط" ، "الثقافة العربية" ، وذلك بإشراف المستعربة الإيطالية الشهيرة ، الأستاذة إيزابيلا كاميرا دافليتو ، التي تعد من أهم الخبراء في الأدب العربي المعاصر ، في إيطاليا ، وهي كذلك عضو في هيئة التحكيم لجائزة الشارقة للثقافة العربية ، المدعومة من طرف منظمة اليونيسكو. مع ذلك فيجب أن نعلم أنّ القصص القصيرة ، والداواوين الشعرية ، هي أقل رواجاً من الروايات ، في السوق الإيطالية ، على خلاف السوق العربية ، كما جاء في ملاحظة للمستعرب روجر ألن ، والقارئ الإيطالي يفضل ـ عادة ـ شراء الروايات.
والمرحلة الأخيرة لتطور حركة الترجمة في إيطاليا شهدت بروز ظاهرة الهجرة من شمال أفريقيا والشرق الأدنى إلى إيطاليا ، في السبعينيات من القرن الماضي ، والتي لم تجد طريقتها في التعبير الأدبي إلا في التسعينيات من القرن نفسه. كتاب من الجزائر ، مثل: عمارة لخوص ، طاهر لمري ، سماري عبدالملك ، أو العراقي يونس توفيق ، يكتبون بالعربية ولكن مؤلفاتهم تنشر ، فقط ، في ترجمتها إلى الإيطالية ، باستثناء رواية عمارة لخوض الأكثر رواجاً ، والتي تعالج وضع المهاجرين المقيمين في روما ، بعنوان "كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك" ، والذئبة رمز أسطوري لمدينة روما ، وكأن هذه المدينة ذئبة رمزية ، لديها قدرة إرضاع ـ وعضًّ ـ ضيوفها من الخارج ، والمحاصرين بالإجحاف والأحكام النمطية المسبقة.
ومن جانب آخر ثمة ، أيضاً ، بعض الكتاب المقيمين في إيطاليا ، والذين يؤلفون بالعربية من دون مواكبة الترجمة الإيطالية لأعمالهم. ويمثل هؤلاء تيار ما يسمى "مدرسة المهجر" ، ومن أبرزهم المصريون: أبو شارب ، سلامة الطويل ، أحمد البكري وغيرهم. ويركز على تحليل هذه الظاهرة الجديدة الناقد الإيطالي أرماندو نيشي.
فالنقاش حول المهاجرين العرب قد يؤدي ، كذلك ، إلى طرح تساؤل حول هوية إنتاجهم الأدبي ، والفكري: هل هم كتاب عرب أم هم الكتاب الذين يؤلفون باللغة العربية ، أو كتاب عاشوا في بلد عربي ، فترة محددة؟ هل تحديد الإنتاج العربي هو قضية جنسية ، أم وطنية ، أم لغوية؟ أو ـ بعبارة أخرى: هل بامكاننا أن نشير إلى كتاب ، مثل آسيا جبار ، على أنها كاتبة عربية؟ وإلى بحوث المثقفين العائدين إلى ما يسمى بأدب ما بعد الاستعمار ، مثل جاك دريدا ، أو هيلين سيكسو ، جزائري المولد ، والمغربية فاطمة المرنيسي ، والفلسطيني إدوارد سعيد ، المؤسسين في الفكر والفلسفة والنقد ، في التفكير الغربي ، ما بعد الحداثة ، علما بأنهم يركزون ، في كتابتهم ، على قضية الغيرية أو هوية الآخر بالذات ، بموجب هويتهم الممزقة بين ضفتي البحر المتوسط؟
ثمة أسئلة عديدة أخرى ، لكنني أتوقف ، هنا ، علكم تضيفون إلى ما كتبت فيض ثقافتكم ، ومعرفتكم ، وتجربتكم.
مترجمة ايطالية
المصدر
القصة القصيرة جداً في العراق
النص حين يوثق التجربة
قراءة: نواف خلف السنجاري
قراءة: نواف خلف السنجاري
صدر عن المديرية العامة لتربية نينوي ــ شعبة الشؤون الأدبية كتاب جديد يحمل عنوان رقم (25) ضمن سلسلة الإصدارات، من إعداد وتقديم القاص والروائي هيثم بهنام بردي بعنوان (القصة القصيرة جداً في العراق)، والكتاب هو دراسة توثق مسيرة القصة القصيرة جداً في العراق منذ ثلاثينات القرن الماضي وإلي يومنا هذا.
قبل الخوض في عرض الكتاب لابد لنا أن نعرف: إن المتابع لمسيرة (ق.ق.ج) في العراق سيجابه الكثير من المعوقات منها: أن الكثير من القصاصين لم يثبتوا مصطلح (قصة قصيرة جداً) علي متون أغلفة كتبهم، السبب الآخر أن بعض الكتاب ممن لهم تجربة طويلة ونشروا العشرات من (ق.ق.ج) في الصحف والمجلات والدوريات لكنهم للأسف لم يجمعوا نتاجهم في كتاب ما صعب مهمة الإطلاع عليها ودراستها، وأخيراً ندرة الكتب والدراسات المترجمة والعربية التي تناولت هذا الفن وصعوبة الحصول علي المجاميع القصصية التي صدرت منذ فترات بعيدة.
لذلك فإن صدور كتاب (القصة القصيرة جداً في العراق) عوض هذا النقص، وسد الكثير من الثغرات وأوضح وأزال الستار عن ما كان يلف (ق.ق.ج) من المغالطات وعدم الدقة والتشويه، ليتمكن الباحث والناقد والمهتم من الإطلاع عليه وإبداء الرأي.
لقد قسم (هيثم بردي) كتابه إلي قسمين:
الأول: في الجنس والكينونة
وتضمن نبذة تاريخية للقصة القصيرة جداً من الريادة في مستهل الثلاثينات وإلي جيل الألفية الثالثة، بعدها يبين الكتاب بعض التعريفات لـ (ق.ق.ج) لكتاب ونقاد عالميين وعرب أمثال: (وليم . أي . هاريس)، (مارين الورد)، (وولتر كامبل)، (ترنتويل رايت)، (ارسكين كالدويل)، (كاترين بوتر)، (جاسم عاصي)، (سليمان البكري)، (باسم عبد الحميد حمودي) و (د. نجم كاظم عبد الله).
ثم يعرض كينونتها والبني الارتكازية لها ويقارن بجدول مفصل بين القصة القصيرة و (ق.ق.ج) من حيث الوحدات (الزمان - المكان - الحدث) والبناء (المقدمة - الذروة - النهاية) والطول وزاوية السرد والوصف ويقول في تجنيسها (القصة القصيرة جداً، قياساً إلي صنوها القصة القصيرة، فن جديد يربو عمره علي القرن، وحاله حال أي فن استقبل عند ولادته بمشاعر شتي وتشكلت مواقف متباينة إزاءه) ص13.
وقد اختار الباحث في كتابه هذا دراسة نقدية للأستاذ (جاسم خلف الياس) وهي الفصل الأول من رسالة الماجستير التي نالها بتقدير امتياز من كلية التربية ــ جامعة الموصل عام 2007 بعنوان: شعرية القصة القصيرة جداً، هذه الدراسة تعرفنا علي مجموعة المعايير التي يجعل النوع جديراً بالتسمية في عناصره وتقنياته، كما تبين تصنيفات النقاد والمفكرين والمتحمسين للقصة القصيرة جداً، ومجمل مسوغات أفكارها، والفروق في تسميات القصة القصيرة / القصة القصيرة جداً بالتفصيل.
ثم تبين لنا وجهات نظر النقاد بما تتميز به (ق.ق.ج) من مؤشرات دالة، وأدوات نقدية وجمالية تميز نوعها وتقارن بإسهاب بين القصة القصيرة جداً / القصيدة / النثر / الومضة)، وتنتهي أطروحة الماجستير بملخص (ما هي القصة القصيرة جداً) ((إن تسمية (القصة القصيرة جداً) هي التسمية المطابقة تماماً لنوع قصصي قصير يستقي أسسه الجمالية من بيئته الداخلية التي منحت الـ(جداً) وجوداً شرعياً لا بفرضه من الخارج عليه بل بتفاعلها مع تجليات وتمظهرات قصصية جعلتها تغاير المواصفات المتحققة في أنواع قصصية أخري، بتعاقد طبيعي بين المؤلف والقارئ فرضته التغيرات الشمولية وبتأثير متبادل بينه وبين الأنواع الأدبية المجاورة له في سياقاته التاريخية والجمالية)) ص47.
جدير بالذكر أن أطروحة (جاسم خلف) في فصلها الأول تحوي في هوامشها علي مدي (34 صفحة) أكثر من سبعين مصدراً وعنواناً لأهم الدراسات العربية والأجنبية وما نشر في الدوريات والملاحق الثقافية، إضافة إلي ما نشر علي مواقع الانترنت وله علاقة بالقصة القصيرة جداً.
القسم الثاني من الكتاب
يتطرق إلي الأجيال القصصية ويبدأ بالريادة للقاص (نوئيل رسام) عندما نشر قصته (اليتيم) سنة 1931 وقصة (موت فقير) عام 1930 ويؤكد الناقد (باسم عبد الحميد حمودي) أن (نوئيل رسام) هو أول من ثبت علي متن إحدي قصصه مصطلح (قصة قصيرة جداً) والقصتين منشورتين في (ص50 - ص53) من الكتاب.
بتسلسل تاريخي سلس يؤرخ (هيثم بهنام بردي) كل جيل في قسم خاص ويختار لهذا التوثيق إحدي وخمسون قصة لمختلف الأجيال القصصية مرتبة بحسب الحروف الأبجدية لكتابها ويستعرض لذلك أهم المجاميع القصصية الصادرة للكتاب العراقيين والتي ضمت بين دفتيها قصصاً قصار جداً وهنا أورد باختصار الأجيال القصصية وعناوين القصص وكتّابها كما جاءت في الكتاب:
الستينيون
(جلبة خفيفة لمكبرات الصوت/ إبراهيم أحمد)، (الامتحان/ أحمد خلف)، (مرآتان/ جاسم عاصي)، (ايكاروس/ جليل القيسي)، (الصياد/ حسب الله يحيي)، (الحل/ حنون مجيد)، (رجل الممرات/ خالد الراوي)، (ظلال/ عادل كامل)، (التي لا تعرف .. الذي لا يعرف/ عبد الرحمن الربيعي)، (البيت/ عبد الستار ناصر)، (الثور/ مهند الأسدي)، (كدمة صغيرة/ موسي غافل الشطري)، (صندوق الدنيا/ موسي كريدي).
السبعينيون
(السلم/ الياس الماس محمد)، (قضية 17/ حمدي مخلف الحديثي)، (طبل/ حميد المختار)، (خيمة/ عباس خلف علي)، (أهرب من الكآبة تعش سعيداً/ عبد الواحد محسن)، (بيت العروس/ علي حداد)، (لماذا الـ ... لا/ طلال حسن)، (كابوس أبوي/ فرج ياسين)، (أزقة الدهشة/ فؤاد ميرزا)، (الحقيبة والرجل/ محمد سمارة)، (عباءة/ وارد بدر السالم)، (التماهي/ هيثم بهنام بردي).
الثمانينيون
(قاص/ إبراهيم سبتي)، (ثوب أبيض للزفاف/ جمال نوري)، (أيقونة الثكالي/ زيد الشهيد)، (وحشة/ صلاح زنكنة)، (حكاية شرقية/ عمار أحمد)، (مكان خال/ محمد سلطان).
التسعينيون
(خدعة/ أسماء محمد مصطفي)، (ضريبة/ سعدون جبار البيضاني)، (الفكرة/ صباح كريم الكاتب)، (رجل في المحاق/ عائشة عطية النعيمي)، (حظر التجوال/ عبد الأمير المجر)، (ماذا لو؟/ فارس سعد الدين السردار)، (الدفء/ فيصل عبد الوهاب)، (حوار الكركدن والعجوز الماحق/ قصي الخفاجي)، (الطائر المنتحر/ كاظم الحلاق)، (ذكري/ محمد الأحمد)، (الضوء والظل/ محمد عبد المحسن)، (انتماء/ مشتاق عبد الهادي)، (امرأة/ د. منتصر الغضنفري)، (احتدام/ ناصر قوطي).
الألفية الثالثة
(موسم للحب/ د. أحمد جار الله)، (برقية ألف امرأة/ بولص آدم)، (الورد والحرب/ بيات مرعي)، (الرأس/ جوزيف حنا يشوع)، (كآبة راقصة/ عبد الكريم حسن مراد)، (السنونو والحوت/ نواف خلف السنجاري).
ختاماً أقول: إن الكتاب (القصة القصيرة جداً في العراق) هو دراسة مكثفة جديرة بالقراءة لكل المهتمين بـ (ق.ق.ج)، وقد بذل فيه (هيثم بهنام بردي) الكثير من الجهد والوقت في التنقيب والتمحيص والاختيار ليظهر كتابه بهذه الروعة والأهمية بحيث يسهل مهمة الدارسين والمهتمين بتاريخ (ق.ق.ج) في العراق ويمكنهم من معرفة الكثير عن أبرز كتابها مع نماذج من قصصهم، بكل يسر وسهولة.
قبل الخوض في عرض الكتاب لابد لنا أن نعرف: إن المتابع لمسيرة (ق.ق.ج) في العراق سيجابه الكثير من المعوقات منها: أن الكثير من القصاصين لم يثبتوا مصطلح (قصة قصيرة جداً) علي متون أغلفة كتبهم، السبب الآخر أن بعض الكتاب ممن لهم تجربة طويلة ونشروا العشرات من (ق.ق.ج) في الصحف والمجلات والدوريات لكنهم للأسف لم يجمعوا نتاجهم في كتاب ما صعب مهمة الإطلاع عليها ودراستها، وأخيراً ندرة الكتب والدراسات المترجمة والعربية التي تناولت هذا الفن وصعوبة الحصول علي المجاميع القصصية التي صدرت منذ فترات بعيدة.
لذلك فإن صدور كتاب (القصة القصيرة جداً في العراق) عوض هذا النقص، وسد الكثير من الثغرات وأوضح وأزال الستار عن ما كان يلف (ق.ق.ج) من المغالطات وعدم الدقة والتشويه، ليتمكن الباحث والناقد والمهتم من الإطلاع عليه وإبداء الرأي.
لقد قسم (هيثم بردي) كتابه إلي قسمين:
الأول: في الجنس والكينونة
وتضمن نبذة تاريخية للقصة القصيرة جداً من الريادة في مستهل الثلاثينات وإلي جيل الألفية الثالثة، بعدها يبين الكتاب بعض التعريفات لـ (ق.ق.ج) لكتاب ونقاد عالميين وعرب أمثال: (وليم . أي . هاريس)، (مارين الورد)، (وولتر كامبل)، (ترنتويل رايت)، (ارسكين كالدويل)، (كاترين بوتر)، (جاسم عاصي)، (سليمان البكري)، (باسم عبد الحميد حمودي) و (د. نجم كاظم عبد الله).
ثم يعرض كينونتها والبني الارتكازية لها ويقارن بجدول مفصل بين القصة القصيرة و (ق.ق.ج) من حيث الوحدات (الزمان - المكان - الحدث) والبناء (المقدمة - الذروة - النهاية) والطول وزاوية السرد والوصف ويقول في تجنيسها (القصة القصيرة جداً، قياساً إلي صنوها القصة القصيرة، فن جديد يربو عمره علي القرن، وحاله حال أي فن استقبل عند ولادته بمشاعر شتي وتشكلت مواقف متباينة إزاءه) ص13.
وقد اختار الباحث في كتابه هذا دراسة نقدية للأستاذ (جاسم خلف الياس) وهي الفصل الأول من رسالة الماجستير التي نالها بتقدير امتياز من كلية التربية ــ جامعة الموصل عام 2007 بعنوان: شعرية القصة القصيرة جداً، هذه الدراسة تعرفنا علي مجموعة المعايير التي يجعل النوع جديراً بالتسمية في عناصره وتقنياته، كما تبين تصنيفات النقاد والمفكرين والمتحمسين للقصة القصيرة جداً، ومجمل مسوغات أفكارها، والفروق في تسميات القصة القصيرة / القصة القصيرة جداً بالتفصيل.
ثم تبين لنا وجهات نظر النقاد بما تتميز به (ق.ق.ج) من مؤشرات دالة، وأدوات نقدية وجمالية تميز نوعها وتقارن بإسهاب بين القصة القصيرة جداً / القصيدة / النثر / الومضة)، وتنتهي أطروحة الماجستير بملخص (ما هي القصة القصيرة جداً) ((إن تسمية (القصة القصيرة جداً) هي التسمية المطابقة تماماً لنوع قصصي قصير يستقي أسسه الجمالية من بيئته الداخلية التي منحت الـ(جداً) وجوداً شرعياً لا بفرضه من الخارج عليه بل بتفاعلها مع تجليات وتمظهرات قصصية جعلتها تغاير المواصفات المتحققة في أنواع قصصية أخري، بتعاقد طبيعي بين المؤلف والقارئ فرضته التغيرات الشمولية وبتأثير متبادل بينه وبين الأنواع الأدبية المجاورة له في سياقاته التاريخية والجمالية)) ص47.
جدير بالذكر أن أطروحة (جاسم خلف) في فصلها الأول تحوي في هوامشها علي مدي (34 صفحة) أكثر من سبعين مصدراً وعنواناً لأهم الدراسات العربية والأجنبية وما نشر في الدوريات والملاحق الثقافية، إضافة إلي ما نشر علي مواقع الانترنت وله علاقة بالقصة القصيرة جداً.
القسم الثاني من الكتاب
يتطرق إلي الأجيال القصصية ويبدأ بالريادة للقاص (نوئيل رسام) عندما نشر قصته (اليتيم) سنة 1931 وقصة (موت فقير) عام 1930 ويؤكد الناقد (باسم عبد الحميد حمودي) أن (نوئيل رسام) هو أول من ثبت علي متن إحدي قصصه مصطلح (قصة قصيرة جداً) والقصتين منشورتين في (ص50 - ص53) من الكتاب.
بتسلسل تاريخي سلس يؤرخ (هيثم بهنام بردي) كل جيل في قسم خاص ويختار لهذا التوثيق إحدي وخمسون قصة لمختلف الأجيال القصصية مرتبة بحسب الحروف الأبجدية لكتابها ويستعرض لذلك أهم المجاميع القصصية الصادرة للكتاب العراقيين والتي ضمت بين دفتيها قصصاً قصار جداً وهنا أورد باختصار الأجيال القصصية وعناوين القصص وكتّابها كما جاءت في الكتاب:
الستينيون
(جلبة خفيفة لمكبرات الصوت/ إبراهيم أحمد)، (الامتحان/ أحمد خلف)، (مرآتان/ جاسم عاصي)، (ايكاروس/ جليل القيسي)، (الصياد/ حسب الله يحيي)، (الحل/ حنون مجيد)، (رجل الممرات/ خالد الراوي)، (ظلال/ عادل كامل)، (التي لا تعرف .. الذي لا يعرف/ عبد الرحمن الربيعي)، (البيت/ عبد الستار ناصر)، (الثور/ مهند الأسدي)، (كدمة صغيرة/ موسي غافل الشطري)، (صندوق الدنيا/ موسي كريدي).
السبعينيون
(السلم/ الياس الماس محمد)، (قضية 17/ حمدي مخلف الحديثي)، (طبل/ حميد المختار)، (خيمة/ عباس خلف علي)، (أهرب من الكآبة تعش سعيداً/ عبد الواحد محسن)، (بيت العروس/ علي حداد)، (لماذا الـ ... لا/ طلال حسن)، (كابوس أبوي/ فرج ياسين)، (أزقة الدهشة/ فؤاد ميرزا)، (الحقيبة والرجل/ محمد سمارة)، (عباءة/ وارد بدر السالم)، (التماهي/ هيثم بهنام بردي).
الثمانينيون
(قاص/ إبراهيم سبتي)، (ثوب أبيض للزفاف/ جمال نوري)، (أيقونة الثكالي/ زيد الشهيد)، (وحشة/ صلاح زنكنة)، (حكاية شرقية/ عمار أحمد)، (مكان خال/ محمد سلطان).
التسعينيون
(خدعة/ أسماء محمد مصطفي)، (ضريبة/ سعدون جبار البيضاني)، (الفكرة/ صباح كريم الكاتب)، (رجل في المحاق/ عائشة عطية النعيمي)، (حظر التجوال/ عبد الأمير المجر)، (ماذا لو؟/ فارس سعد الدين السردار)، (الدفء/ فيصل عبد الوهاب)، (حوار الكركدن والعجوز الماحق/ قصي الخفاجي)، (الطائر المنتحر/ كاظم الحلاق)، (ذكري/ محمد الأحمد)، (الضوء والظل/ محمد عبد المحسن)، (انتماء/ مشتاق عبد الهادي)، (امرأة/ د. منتصر الغضنفري)، (احتدام/ ناصر قوطي).
الألفية الثالثة
(موسم للحب/ د. أحمد جار الله)، (برقية ألف امرأة/ بولص آدم)، (الورد والحرب/ بيات مرعي)، (الرأس/ جوزيف حنا يشوع)، (كآبة راقصة/ عبد الكريم حسن مراد)، (السنونو والحوت/ نواف خلف السنجاري).
ختاماً أقول: إن الكتاب (القصة القصيرة جداً في العراق) هو دراسة مكثفة جديرة بالقراءة لكل المهتمين بـ (ق.ق.ج)، وقد بذل فيه (هيثم بهنام بردي) الكثير من الجهد والوقت في التنقيب والتمحيص والاختيار ليظهر كتابه بهذه الروعة والأهمية بحيث يسهل مهمة الدارسين والمهتمين بتاريخ (ق.ق.ج) في العراق ويمكنهم من معرفة الكثير عن أبرز كتابها مع نماذج من قصصهم، بكل يسر وسهولة.
السبت، 2 أكتوبر 2010
ترجمات: العصر الرقمي يهدد الترجمة اليابانية في واشنطن
بقلم كيفن سييف - ترجمة- الصباح
طيلة 35 سنة كان «تاداهيكو ناكامورا» يتجول خارج شقته في شمال غرب واشنطن كل يوم عند الساعة الثالثة والنصف صباحا سعياً وراء صحف الصباح ـ وهي المادة الخام التي يقوم هو وخمسة مترجمين آخرين معه بتحويلها الى قراءة أساسية للمجتمع الرسمي الياباني في واشنطن وما وراءها.
طيلة 35 سنة كان «تاداهيكو ناكامورا» يتجول خارج شقته في شمال غرب واشنطن كل يوم عند الساعة الثالثة والنصف صباحا سعياً وراء صحف الصباح ـ وهي المادة الخام التي يقوم هو وخمسة مترجمين آخرين معه بتحويلها الى قراءة أساسية للمجتمع الرسمي الياباني في واشنطن وما وراءها.
وقبل أن يتلاشى صدى أصوات آخر متسكعي الليل من الشوارع يكون ناكامورا وطاقمه قد بدأوا بغربلة كدس من الصحف الاميركية لانتاج ملخص اخباري يومي باللغة اليابانية، ثم توزيعه عبر البريد الالكتروني وبواسطة الدراجات الى بعض أهم الدبلوماسيين ورجال الاعمال اليابانيين في واشنطن.توظف شركة ناكامورا، واسمها غالاكسي سيستمز، خمسة مترجمين يعملون في تأليف مطبوع من اربع صفحات بلا ألوان مكتظة بالرموز والأحرف اليابانية. هؤلاء المترجمون، وجميعهم من اليابانيين الذين هاجروا حديثاً، محاطون دائماً بأكوام من الصحف كل منها عليها علامات دالة برتقالية براقة تحدد المواضيع التي تتطرق إلى ذكر اليابان. ولكنهم جميعاً يفضلون لو أنهم كانوا في مكان آخر.يتمنى كينجي ساكاموتو ان يصبح كاتباً مسرحياً، ومايك يوشيكاوا أمنيته ان يكون مستشاراً للسياسة الخارجية في الحكومة اليابانية، أما كايساتو تاكيناكا فيريد أن يكون مصمماً لبرامج الحاسوب. ولكنهم الان يتشاطرون نفس المجال المكتبي الضيق، وأصابعهم مغطاة بورق الصحف، يحاولون نقل أدق التغييرات السياسة والمالية الاميركية إلى لغتهم الأم.أطلق ناكامورا ملخصه عندما كان طالب دراسات عليا في السبعينيات، في زمن كان اقتصاد اليابان فيه منتعشا. كان يمشط 25 صحيفة يوميا، يلخص ويترجم المواضيع ذات العلاقة لصالح شركات تبغي فتح مكاتب لها ومصانع في الولايات المتحدة. كذلك كان يوفر خدمة مشابهة للسفارة اليابانية وهي في خضم محادثات التجارة الحرة مع ادارة نيكسون.كانت السفارة اليابانية، حيث عمل ناكامورا لفترة وجيزة، تدفع لشركة غالاكسي سيستمز طيلة اكثر من ثلاثين سنة مقابل قيام الشركة المذكورة بجمع قصاصات المواضيع التي تتضمن كلمات «يابان» او «ياباني» من عدد من المطبوعات الصادرة في واشنطن.يقول ناكامورا: «كنت أقول لهم ان السلطة ليست محصورة في واشنطن فقط، وإذا ما أردتم فهم السياسة الاميركية فهماً صحيحاً فإنكم بحاجة لقراءة الصحف من كل انحاء البلد.»وعندما برزت الخلافات بشأن التجارة الزراعية اليابانية مع اميركا بدأ ناكامورا بمراقبة مطبوعات الزراعة في الغرب الاوسط الاميركي.
وعندما أقامت شركة تويوتا اكبر مصنع لها في اميركا في كنتاكي اشترك في الصحف والمجلات المحلية في تلك المنطقة.
وأخذت العقود والطلبات تترى: شركات مثل ميتسوبيشي وتوشيبا وهوندا كلها وقعت للحصول على خدمة غالاكسي سيستمز، وكانت تدفع حوالي 70 الف دولار سنويا مقابل متابعة الصحف تسقطاً لأية إشارة أو تلميح تتعلق بمنتجاتها. الاشتراك الأساسي، الذي يتضمن خلاصة أخبارية يومية وتحليلاً اسبوعياً، يمكن شراؤه بـ 1500 دولار سنويا. وفي سنوات ازدهارها كانت الشركة تجني مبالغ تصل إلى حوالي نصف مليون دولار سنويا، كما يقول ناكامورا.«كارول زيبل»، وهي الموظفة الاميركية الوحيدة في الشركة، قامت مؤخرا بجمع كومة صغيرة من القصاصات: قصص خبرية عن زيادة الطلب الياباني على النبيذ الاميركي، وعن أمراض تتعلق بالغذاء وبطولة الغولف النسائية. ولدى مقارنة هذا بالتغطية على مدى السنوات السابقة يبدو انتاجا ضئيلا إلى حدود تثير الإكتئاب. تقول كارول: «لقد اعتدنا أن نطمر تحت أوراق الصحف، ولكن ذلك كان قبل بدء الصحافة الاميركية بتقليص تغطيتها نتيجة للركود وانحسار الصحافة المطبوعة.»حين بدأ ناكامورا عمله كانت التغطية لشؤون اليابان واسعة، والمقالات التي تتحدث عن الإزدهار الإقتصادي تتكدس عالياً في مكتب غالاكسي. المناظرات التي تتناول موضوع الحماية كانت تحتدم على صفحات الجرائد من خلال الأعمدة والإفتتاحيات. ولكن عندما أخذ اقتصاد اليابان بالفتور، وإذ صار الإنترنت يقدم خدمات صحفية مجانية يمكن الدخول إليها في الولايات المتحدة وخارجها، بدأت أعمال ناكامورا بالإنحدار.
عمل الشركة الان بخسارة تقارب 50 بالمائة. وفي عام 2009 أنهت شركة تويوتا، وهي أحد اكبر زبائن الشركة، عقدها مع غالاكسي. يقول ناكامورا انه سينتظر حتى كانون الاول المقبل قبل ان يقرر ايقاف أعماله.حتى موظفي غالاكسي يبدون أحياناً غير واثقين من ماهية الدور الذي تؤديه الشركة حاليا. تضيف كارول قائلة: «نحن لا نسأل ما الذي يجعل هؤلاء الناس يدفعون اشتراكاتهم ماداموا يريدون منا القيام بهذا العمل ويدفعون لنا للقيام به.»العمل في الشركة الان يمضي بشكل طبيعي. وبالإضافة الى الأخبار المتعلقة باليابان يترجم هؤلاء اللغويون قصص وأخبار الصفحة الأولى لثماني صحف اميركية يومية. يقول ناكامورا: «الفكرة تكمن في التعبير عن الفكر الاميركي السائد حول عدد من القضايا.»بحدود الظهر يكون تقرير غالاكسي اليومي قد اكتمل.
يقبض ساكاموتو على كومة من الرزم، ثم يمتطي دراجته الهوائية وينطلق الى السفارة اليابانية في جادة ماساشوستس أن دبليو.
فهذا التقرير، الذي صارت تزينه اليوم بعض رسوم الكاريكاتير الإفتتاحية، لا يزال يسلّم باليد كما كان عندما بدأ ناكامورا العمل.يقول ناكامورا: « لا نعلم ماذا سيحل بالصحف، ولكن طالما بقيت هناك علاقة بين اميركا واليابان، وطالما كانت هناك أعمال ودبلوماسية، سيبقى اليابانيون راغبين بمعرفة ماذا يجري في اميركا.»
عن صحيفة واشنطن بوست
وعندما أقامت شركة تويوتا اكبر مصنع لها في اميركا في كنتاكي اشترك في الصحف والمجلات المحلية في تلك المنطقة.
وأخذت العقود والطلبات تترى: شركات مثل ميتسوبيشي وتوشيبا وهوندا كلها وقعت للحصول على خدمة غالاكسي سيستمز، وكانت تدفع حوالي 70 الف دولار سنويا مقابل متابعة الصحف تسقطاً لأية إشارة أو تلميح تتعلق بمنتجاتها. الاشتراك الأساسي، الذي يتضمن خلاصة أخبارية يومية وتحليلاً اسبوعياً، يمكن شراؤه بـ 1500 دولار سنويا. وفي سنوات ازدهارها كانت الشركة تجني مبالغ تصل إلى حوالي نصف مليون دولار سنويا، كما يقول ناكامورا.«كارول زيبل»، وهي الموظفة الاميركية الوحيدة في الشركة، قامت مؤخرا بجمع كومة صغيرة من القصاصات: قصص خبرية عن زيادة الطلب الياباني على النبيذ الاميركي، وعن أمراض تتعلق بالغذاء وبطولة الغولف النسائية. ولدى مقارنة هذا بالتغطية على مدى السنوات السابقة يبدو انتاجا ضئيلا إلى حدود تثير الإكتئاب. تقول كارول: «لقد اعتدنا أن نطمر تحت أوراق الصحف، ولكن ذلك كان قبل بدء الصحافة الاميركية بتقليص تغطيتها نتيجة للركود وانحسار الصحافة المطبوعة.»حين بدأ ناكامورا عمله كانت التغطية لشؤون اليابان واسعة، والمقالات التي تتحدث عن الإزدهار الإقتصادي تتكدس عالياً في مكتب غالاكسي. المناظرات التي تتناول موضوع الحماية كانت تحتدم على صفحات الجرائد من خلال الأعمدة والإفتتاحيات. ولكن عندما أخذ اقتصاد اليابان بالفتور، وإذ صار الإنترنت يقدم خدمات صحفية مجانية يمكن الدخول إليها في الولايات المتحدة وخارجها، بدأت أعمال ناكامورا بالإنحدار.
عمل الشركة الان بخسارة تقارب 50 بالمائة. وفي عام 2009 أنهت شركة تويوتا، وهي أحد اكبر زبائن الشركة، عقدها مع غالاكسي. يقول ناكامورا انه سينتظر حتى كانون الاول المقبل قبل ان يقرر ايقاف أعماله.حتى موظفي غالاكسي يبدون أحياناً غير واثقين من ماهية الدور الذي تؤديه الشركة حاليا. تضيف كارول قائلة: «نحن لا نسأل ما الذي يجعل هؤلاء الناس يدفعون اشتراكاتهم ماداموا يريدون منا القيام بهذا العمل ويدفعون لنا للقيام به.»العمل في الشركة الان يمضي بشكل طبيعي. وبالإضافة الى الأخبار المتعلقة باليابان يترجم هؤلاء اللغويون قصص وأخبار الصفحة الأولى لثماني صحف اميركية يومية. يقول ناكامورا: «الفكرة تكمن في التعبير عن الفكر الاميركي السائد حول عدد من القضايا.»بحدود الظهر يكون تقرير غالاكسي اليومي قد اكتمل.
يقبض ساكاموتو على كومة من الرزم، ثم يمتطي دراجته الهوائية وينطلق الى السفارة اليابانية في جادة ماساشوستس أن دبليو.
فهذا التقرير، الذي صارت تزينه اليوم بعض رسوم الكاريكاتير الإفتتاحية، لا يزال يسلّم باليد كما كان عندما بدأ ناكامورا العمل.يقول ناكامورا: « لا نعلم ماذا سيحل بالصحف، ولكن طالما بقيت هناك علاقة بين اميركا واليابان، وطالما كانت هناك أعمال ودبلوماسية، سيبقى اليابانيون راغبين بمعرفة ماذا يجري في اميركا.»
عن صحيفة واشنطن بوست
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)