بقلم كيفن سييف - ترجمة- الصباح
طيلة 35 سنة كان «تاداهيكو ناكامورا» يتجول خارج شقته في شمال غرب واشنطن كل يوم عند الساعة الثالثة والنصف صباحا سعياً وراء صحف الصباح ـ وهي المادة الخام التي يقوم هو وخمسة مترجمين آخرين معه بتحويلها الى قراءة أساسية للمجتمع الرسمي الياباني في واشنطن وما وراءها.
طيلة 35 سنة كان «تاداهيكو ناكامورا» يتجول خارج شقته في شمال غرب واشنطن كل يوم عند الساعة الثالثة والنصف صباحا سعياً وراء صحف الصباح ـ وهي المادة الخام التي يقوم هو وخمسة مترجمين آخرين معه بتحويلها الى قراءة أساسية للمجتمع الرسمي الياباني في واشنطن وما وراءها.
وقبل أن يتلاشى صدى أصوات آخر متسكعي الليل من الشوارع يكون ناكامورا وطاقمه قد بدأوا بغربلة كدس من الصحف الاميركية لانتاج ملخص اخباري يومي باللغة اليابانية، ثم توزيعه عبر البريد الالكتروني وبواسطة الدراجات الى بعض أهم الدبلوماسيين ورجال الاعمال اليابانيين في واشنطن.توظف شركة ناكامورا، واسمها غالاكسي سيستمز، خمسة مترجمين يعملون في تأليف مطبوع من اربع صفحات بلا ألوان مكتظة بالرموز والأحرف اليابانية. هؤلاء المترجمون، وجميعهم من اليابانيين الذين هاجروا حديثاً، محاطون دائماً بأكوام من الصحف كل منها عليها علامات دالة برتقالية براقة تحدد المواضيع التي تتطرق إلى ذكر اليابان. ولكنهم جميعاً يفضلون لو أنهم كانوا في مكان آخر.يتمنى كينجي ساكاموتو ان يصبح كاتباً مسرحياً، ومايك يوشيكاوا أمنيته ان يكون مستشاراً للسياسة الخارجية في الحكومة اليابانية، أما كايساتو تاكيناكا فيريد أن يكون مصمماً لبرامج الحاسوب. ولكنهم الان يتشاطرون نفس المجال المكتبي الضيق، وأصابعهم مغطاة بورق الصحف، يحاولون نقل أدق التغييرات السياسة والمالية الاميركية إلى لغتهم الأم.أطلق ناكامورا ملخصه عندما كان طالب دراسات عليا في السبعينيات، في زمن كان اقتصاد اليابان فيه منتعشا. كان يمشط 25 صحيفة يوميا، يلخص ويترجم المواضيع ذات العلاقة لصالح شركات تبغي فتح مكاتب لها ومصانع في الولايات المتحدة. كذلك كان يوفر خدمة مشابهة للسفارة اليابانية وهي في خضم محادثات التجارة الحرة مع ادارة نيكسون.كانت السفارة اليابانية، حيث عمل ناكامورا لفترة وجيزة، تدفع لشركة غالاكسي سيستمز طيلة اكثر من ثلاثين سنة مقابل قيام الشركة المذكورة بجمع قصاصات المواضيع التي تتضمن كلمات «يابان» او «ياباني» من عدد من المطبوعات الصادرة في واشنطن.يقول ناكامورا: «كنت أقول لهم ان السلطة ليست محصورة في واشنطن فقط، وإذا ما أردتم فهم السياسة الاميركية فهماً صحيحاً فإنكم بحاجة لقراءة الصحف من كل انحاء البلد.»وعندما برزت الخلافات بشأن التجارة الزراعية اليابانية مع اميركا بدأ ناكامورا بمراقبة مطبوعات الزراعة في الغرب الاوسط الاميركي.
وعندما أقامت شركة تويوتا اكبر مصنع لها في اميركا في كنتاكي اشترك في الصحف والمجلات المحلية في تلك المنطقة.
وأخذت العقود والطلبات تترى: شركات مثل ميتسوبيشي وتوشيبا وهوندا كلها وقعت للحصول على خدمة غالاكسي سيستمز، وكانت تدفع حوالي 70 الف دولار سنويا مقابل متابعة الصحف تسقطاً لأية إشارة أو تلميح تتعلق بمنتجاتها. الاشتراك الأساسي، الذي يتضمن خلاصة أخبارية يومية وتحليلاً اسبوعياً، يمكن شراؤه بـ 1500 دولار سنويا. وفي سنوات ازدهارها كانت الشركة تجني مبالغ تصل إلى حوالي نصف مليون دولار سنويا، كما يقول ناكامورا.«كارول زيبل»، وهي الموظفة الاميركية الوحيدة في الشركة، قامت مؤخرا بجمع كومة صغيرة من القصاصات: قصص خبرية عن زيادة الطلب الياباني على النبيذ الاميركي، وعن أمراض تتعلق بالغذاء وبطولة الغولف النسائية. ولدى مقارنة هذا بالتغطية على مدى السنوات السابقة يبدو انتاجا ضئيلا إلى حدود تثير الإكتئاب. تقول كارول: «لقد اعتدنا أن نطمر تحت أوراق الصحف، ولكن ذلك كان قبل بدء الصحافة الاميركية بتقليص تغطيتها نتيجة للركود وانحسار الصحافة المطبوعة.»حين بدأ ناكامورا عمله كانت التغطية لشؤون اليابان واسعة، والمقالات التي تتحدث عن الإزدهار الإقتصادي تتكدس عالياً في مكتب غالاكسي. المناظرات التي تتناول موضوع الحماية كانت تحتدم على صفحات الجرائد من خلال الأعمدة والإفتتاحيات. ولكن عندما أخذ اقتصاد اليابان بالفتور، وإذ صار الإنترنت يقدم خدمات صحفية مجانية يمكن الدخول إليها في الولايات المتحدة وخارجها، بدأت أعمال ناكامورا بالإنحدار.
عمل الشركة الان بخسارة تقارب 50 بالمائة. وفي عام 2009 أنهت شركة تويوتا، وهي أحد اكبر زبائن الشركة، عقدها مع غالاكسي. يقول ناكامورا انه سينتظر حتى كانون الاول المقبل قبل ان يقرر ايقاف أعماله.حتى موظفي غالاكسي يبدون أحياناً غير واثقين من ماهية الدور الذي تؤديه الشركة حاليا. تضيف كارول قائلة: «نحن لا نسأل ما الذي يجعل هؤلاء الناس يدفعون اشتراكاتهم ماداموا يريدون منا القيام بهذا العمل ويدفعون لنا للقيام به.»العمل في الشركة الان يمضي بشكل طبيعي. وبالإضافة الى الأخبار المتعلقة باليابان يترجم هؤلاء اللغويون قصص وأخبار الصفحة الأولى لثماني صحف اميركية يومية. يقول ناكامورا: «الفكرة تكمن في التعبير عن الفكر الاميركي السائد حول عدد من القضايا.»بحدود الظهر يكون تقرير غالاكسي اليومي قد اكتمل.
يقبض ساكاموتو على كومة من الرزم، ثم يمتطي دراجته الهوائية وينطلق الى السفارة اليابانية في جادة ماساشوستس أن دبليو.
فهذا التقرير، الذي صارت تزينه اليوم بعض رسوم الكاريكاتير الإفتتاحية، لا يزال يسلّم باليد كما كان عندما بدأ ناكامورا العمل.يقول ناكامورا: « لا نعلم ماذا سيحل بالصحف، ولكن طالما بقيت هناك علاقة بين اميركا واليابان، وطالما كانت هناك أعمال ودبلوماسية، سيبقى اليابانيون راغبين بمعرفة ماذا يجري في اميركا.»
عن صحيفة واشنطن بوست
وعندما أقامت شركة تويوتا اكبر مصنع لها في اميركا في كنتاكي اشترك في الصحف والمجلات المحلية في تلك المنطقة.
وأخذت العقود والطلبات تترى: شركات مثل ميتسوبيشي وتوشيبا وهوندا كلها وقعت للحصول على خدمة غالاكسي سيستمز، وكانت تدفع حوالي 70 الف دولار سنويا مقابل متابعة الصحف تسقطاً لأية إشارة أو تلميح تتعلق بمنتجاتها. الاشتراك الأساسي، الذي يتضمن خلاصة أخبارية يومية وتحليلاً اسبوعياً، يمكن شراؤه بـ 1500 دولار سنويا. وفي سنوات ازدهارها كانت الشركة تجني مبالغ تصل إلى حوالي نصف مليون دولار سنويا، كما يقول ناكامورا.«كارول زيبل»، وهي الموظفة الاميركية الوحيدة في الشركة، قامت مؤخرا بجمع كومة صغيرة من القصاصات: قصص خبرية عن زيادة الطلب الياباني على النبيذ الاميركي، وعن أمراض تتعلق بالغذاء وبطولة الغولف النسائية. ولدى مقارنة هذا بالتغطية على مدى السنوات السابقة يبدو انتاجا ضئيلا إلى حدود تثير الإكتئاب. تقول كارول: «لقد اعتدنا أن نطمر تحت أوراق الصحف، ولكن ذلك كان قبل بدء الصحافة الاميركية بتقليص تغطيتها نتيجة للركود وانحسار الصحافة المطبوعة.»حين بدأ ناكامورا عمله كانت التغطية لشؤون اليابان واسعة، والمقالات التي تتحدث عن الإزدهار الإقتصادي تتكدس عالياً في مكتب غالاكسي. المناظرات التي تتناول موضوع الحماية كانت تحتدم على صفحات الجرائد من خلال الأعمدة والإفتتاحيات. ولكن عندما أخذ اقتصاد اليابان بالفتور، وإذ صار الإنترنت يقدم خدمات صحفية مجانية يمكن الدخول إليها في الولايات المتحدة وخارجها، بدأت أعمال ناكامورا بالإنحدار.
عمل الشركة الان بخسارة تقارب 50 بالمائة. وفي عام 2009 أنهت شركة تويوتا، وهي أحد اكبر زبائن الشركة، عقدها مع غالاكسي. يقول ناكامورا انه سينتظر حتى كانون الاول المقبل قبل ان يقرر ايقاف أعماله.حتى موظفي غالاكسي يبدون أحياناً غير واثقين من ماهية الدور الذي تؤديه الشركة حاليا. تضيف كارول قائلة: «نحن لا نسأل ما الذي يجعل هؤلاء الناس يدفعون اشتراكاتهم ماداموا يريدون منا القيام بهذا العمل ويدفعون لنا للقيام به.»العمل في الشركة الان يمضي بشكل طبيعي. وبالإضافة الى الأخبار المتعلقة باليابان يترجم هؤلاء اللغويون قصص وأخبار الصفحة الأولى لثماني صحف اميركية يومية. يقول ناكامورا: «الفكرة تكمن في التعبير عن الفكر الاميركي السائد حول عدد من القضايا.»بحدود الظهر يكون تقرير غالاكسي اليومي قد اكتمل.
يقبض ساكاموتو على كومة من الرزم، ثم يمتطي دراجته الهوائية وينطلق الى السفارة اليابانية في جادة ماساشوستس أن دبليو.
فهذا التقرير، الذي صارت تزينه اليوم بعض رسوم الكاريكاتير الإفتتاحية، لا يزال يسلّم باليد كما كان عندما بدأ ناكامورا العمل.يقول ناكامورا: « لا نعلم ماذا سيحل بالصحف، ولكن طالما بقيت هناك علاقة بين اميركا واليابان، وطالما كانت هناك أعمال ودبلوماسية، سيبقى اليابانيون راغبين بمعرفة ماذا يجري في اميركا.»
عن صحيفة واشنطن بوست
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق